الكاميرات الذكية تفشل في ضبط نواب "السلايتية".. والطالبي العلمي يدق ناقوس الخطر

رغم دخول تقنية الكاميرات الذكية حيّز التنفيذ داخل قاعة الجلسات العامة بمجلس النواب، لا تزال ظاهرة غياب النواب عن الجلسات التشريعية والتصويت على مشاريع القوانين تثير الكثير من الجدل، وتفتح النقاش مجددًا حول مستوى الالتزام والانضباط داخل المؤسسة التشريعية.
وشهدت جلسة التصويت على مواد مشروع قانون المسطرة الجنائية، المنعقدة مساء الثلاثاء، توترًا واضحًا بعد أن لاحظ رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، غيابًا واسعًا في صفوف النواب، سواء من الأغلبية أو المعارضة.
واضطر الطالبي إلى تلاوة أسماء الحاضرين وتسجيلهم في محضر الجلسة، مؤكدًا أن الوضع "لم يعد مقبولًا"، مضيفًا بنبرة حادة: "درنا الكاميرا ما خدماتش، دابا نديرو لابيل".
وسُجّل حضور 88 نائبًا فقط من أصل 395 عضوًا، أي بنسبة لم تتجاوز 22 في المائة، فيما كانت الجلسة قد انطلقت بحضور 130 نائبًا من الأغلبية و40 من المعارضة.
ومع بداية تلاوة أسماء الحاضرين، بدأت بعض الأسماء التي لم تكن حاضرة في القاعة تظهر تباعًا، قادمة من مكاتب الفرق البرلمانية، بعد إشعارهم من طرف الموظفين بتسجيل الحضور.
وخلال الجلسة، أكد رئيس المجلس أنه لن يعلن عن أسماء المتغيبين تفاديًا لأي لبس، لكنه شدد على أن "إما أن نكون مسؤولين أو لا نكون"، ملوّحًا بإمكانية تمرير القوانين "بخمسة نواب فقط" إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
وأشار العلمي، في كلمته، إلى أن جلسة التصويت داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، عرفت بدورها غيابًا لافتًا، إذ لم يحضرها سوى 18 نائبًا، من بينهم 14 نائبة فقط، وهو ما دفعه إلى الإشادة بالحضور النسائي ودوره في إنجاح المسار التشريعي.
وكانت الإجراءات التنظيمية التي أطلقتها رئاسة المجلس منذ بداية الدورة الربيعية الحالية، قد شملت تثبيت كاميرات مراقبة ذكية عند مداخل القاعة، تعمل بتقنية التعرف على الوجوه، لضبط الحضور بطريقة أوتوماتيكية.
غير أن العملية، التي راهن عليها المجلس لضمان الانضباط، لم تحقق نتائج ملموسة إلى حدود الساعة، في ظل استمرار بعض النواب في التغيب دون مبرر، أو محاولة تفادي الرصد من خلال الدخول المتأخر أو التحايل على أنظمة التتبع.
وعبّرت مكونات من المعارضة، مرارا، عن استيائها من استمرار الغياب غير المبرر لبعض النواب، داعية إلى تفعيل المسطرة التأديبية المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس، خاصة ما يتعلق بالاقتطاع من الأجور ونشر لوائح الغياب.
واعتبرت أن الانضباط ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل واجب أخلاقي تجاه المواطنين الذين منحوا ثقتهم لممثليهم داخل البرلمان.
وتتواصل المطالب داخل المؤسسة التشريعية بضرورة إعادة النظر في آليات ضبط الحضور، وتعزيز منظومة المحاسبة، من أجل استرجاع ثقة الرأي العام في عمل البرلمان، وتكريس ثقافة سياسية جديدة قوامها الجدية والاحترام التام للمؤسسات.