زيدان: فضيحة "بيع الماستر" حالة استثنائية ودعم "الفراقشية" كان واجبا وطنيا لا خدمة للوسطاء

سلط كريم زيدان، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، الضوء على عدد من المواضيع الحيوية التي تشغل الرأي العام، خلال مشاركته في ندوة حوارية نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني.
وتناول زيدان، وهو عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ملفات حساسة شملت فضيحة “السمسرة في شهادات الماستر والدكتوراه”، وتحديات الاستثمار، وآليات الدعم العمومي، إلى جانب مكافحة الرشوة، والوضعية المرتبطة باستيراد الأغنام في سياق الاستعدادات لعيد الأضحى.
في سياق فضيحة بيع الشهادات الجامعية التي يتهم فيها الأستاذ أحمد قيلش، حرص زيدان على التمييز بين الممارسات الفردية والسواد الأعظم من نساء ورجال التعليم، مؤكداً أن "غالبية رجال التعليم نزهاء، يساهمون في تكوين أجيال المغرب رغم الظروف الصعبة، خاصة بالمناطق النائية".
وأضاف أن الفساد ظاهرة لا تقتصر على المغرب، لافتاً إلى أن "حتى في ألمانيا ليس كل الأساتذة نزهاء".
كما دعا المتحدث ذاته، إلى كسر الصورة النمطية التي تمجد الآخر وتجلد الذات دون موضوعية.
ورغم امتناعه عن التعليق المباشر على ملف معروض أمام القضاء، أوضح زيدان أن نجاح الدولة لا يقتصر على توفر الإمكانيات والتقنيات، بل يرتبط أساساً بانخراط المجتمع، معتبراً أن التجربة السويسرية، رغم تقدمها، لا تنجح لكون الدولة مثالية، بل لأن المجتمع يواكب القوانين ويؤمن بالممارسة المؤسساتية.
في ما يخص الوضع الاستثماري، قدّم زيدان معطيات رقمية دقيقة حول حصيلة الحكومة، مؤكداً أنه ما بين 2022 و2025، تمت المصادقة على 191 مشروعاً استثمارياً بقيمة 326 مليار درهم، وخلقت هذه المشاريع نحو 150 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر.
وأوضح أن الحكومة تقترب من تحقيق التوجيه الملكي القاضي بتعبئة 550 مليار درهم وخلق 500 ألف منصب شغل بحلول 2026، مرجّحاً تجاوز هذه الأرقام لتصل إلى 600 مليار درهم، بالنظر إلى الدينامية الحالية.
وأكد الوزير، أن دعم الاستثمار لا يُمنح بشكل تلقائي، بل يخضع لمعايير صارمة ودراسة تقنية من طرف لجان تضم نحو 15 مؤسسة، ويتم صرفه على مراحل ترتبط بتقدم المشروع، بدءاً بـ30 في المئة بعد الإنجاز الأولي، و40 في المئة بعد التقييم، على أن يُصرف الباقي بعد استيفاء جميع الشروط.
ولفت إلى أن هذا الإطار الجديد يهدف إلى تحفيز الاستثمار بالمناطق النائية، وضمان تحقيق الأثر الاقتصادي والاجتماعي المرجو.
وفي ملف دعم استيراد الأغنام، الذي أثار بدوره نقاشاً واسعاً، أكد زيدان أن هذا القرار جاء استجابة لوضعية طارئة تتمثل في ضعف القطيع الوطني بسبب الجفاف، مشيراً إلى أن "الحكومة لم يكن بإمكانها أن تظل مكتوفة الأيدي، وتجعل المواطن يتضرر".
وأوضح أن الأرقام التي تم تداولها حول الدعم غير دقيقة، مبرزاً أن الهدف لم يكن تجارياً بل وطنياً، لضمان استقرار السوق وتوفير الأضاحي بأسعار معقولة للمواطنين.
وعن قضية الرشوة، أعلن زيدان خلو الوزارة والمراكز الجهوية للاستثمار والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات من هذه الآفة، مشيراً إلى أن الظاهرة ترتبط أساساً بوجود "وسطاء" يتسللون إلى مجالات متعددة، ويقومون بابتزاز المستثمرين والمواطنين.
واستشهد بما حدث في موضوع دعم الأغنام، حيث تسرب وسطاء إلى العملية، ما ساهم في خلق فوضى معلوماتية وشكوك غير مبررة.
وأكد أن الرشوة تظل ظاهرة خطيرة تهدد العدالة وتكرّس الفوارق، معتبراً أن محاربتها مسؤولية جماعية تبدأ من رفض المواطن تقديمها أو القبول بها.
في ختام مداخلته، أبدى زيدان تفاؤلاً كبيراً بمستقبل الاستثمار في المغرب، مستعرضاً مشاريع واعدة في مجالات الطاقات المتجددة، والهيدروجين الأخضر، وصناعة البطاريات، والنسيج.
واعتبر أن عوامل النجاح موجودة، من موقع استراتيجي واتفاقيات تجارية مرنة، إلى كفاءات وطنية وطموح حكومي متمركز حول تحقيق العدالة المجالية وإشراك مغاربة العالم في التنمية.