تقارير حديثة تكشف عزلة الجزائر بالساحل والصحراء

كشفت تقارير صحفية متعددة، وأخرى صادرة عن منظمات إقليمية تعنى بالأمن والدبلوماسية في إفريقيا، عن بوادر عزلة استراتيجية يعيشها النظام العسكري الجزائري على مستوى القارة، وتحديدا في منطقة الساحل والصحراء.
وبعد عقود من الحضور القوي، تأكدت مؤشرات تراجع نفوذ نظام "الكبرانات" تظهر بشكل واضح، في مقابل صعود هادئ وفعال للنفوذ المغربي، مدعوما برؤية دبلوماسية واقتصادية متكاملة، حسب ما كشف عنه موقع Sahel Intelligence وLe Monde وArab Reform Initiative وركز "Wilson Center .
الجزائر.. العزلة بعد الهيمنة
المصادر أكدت ان الجزائر، وحتى وقت قريب، كانت تعتبر طرفا لا محيد عنه في ملفات الساحل، مستندة إلى موقعها الجغرافي وثقلها الأمني وموروثها "الثوري"، إلا أن التطورات الإقليمية الأخيرة، خاصة الانقلابات المتتالية في مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، أظهرت افتقاد الجزائر لقدرة التأقلم مع التحولات الجديدة.
وأشارت عدة تقارير إلى أن المؤسسة العسكرية، التي تمسك بزمام القرار السياسي في البلاد، باتت عاجزة عن صياغة رؤية خارجية منسجمة، في ظل انشغالها بتدبير ملفات داخلية معقدة، أبرزها، تصاعد التوتر في منطقة القبائل، وتفكك الروابط الاجتماعية في الجنوب، وانكماش الحريات السياسية والمدنية.
ومع تراجع التنسيق الأمني مع فرنسا وانكماش النفوذ الغربي، لم تنجح الجزائر في ملء الفراغ، بل ظهر فراغها، خاصة في ظل تمدد أطراف جديدة أكثر مرونة وتكيفا.
المغرب.. تمدد ناعم بآليات حديثة
ووفق تقارير صحفية فرنسية، استطاع المغرب أن يتحول إلى فاعل محوري في إفريقيا جنوب الصحراء، دون ضجيج أو تدخلات مباشرة.
ولفتت المصادر إلى أن المملكة التي أعادت انخراطها في الاتحاد الإفريقي عام 2017، شرعت في بناء نفوذ قائم على الشراكة الاقتصادية (المصارف، الاتصالات، البنية التحتية)، فضلا عن القوة الناعمة الدينية والثقافية (تكوين الأئمة، المنح الدراسية، التعاون مع الزوايا الصوفية).
وأقدمت عدد من دول الساحل على فتح قنصليات في العيون والداخلة شكل اعترافا سياسيا ضمنيا بمركزية الرباط في المعادلة الجديدة، في وقت تعاني الجزائر من صعوبات حتى في الحفاظ على حلفائها التقليديين.
فراغ الجزائر وتموقع المغرب
وكشفت التحولات الجارية، حسب المصادر المذكور التي أصدرت عدة تقارير دورية في الموضوع، أن المغرب يربح نقاطا استراتيجية في منطقة تعتبرها الجزائر "عمقها الأمني الطبيعي".
وتمكن المغرب من تعويض العجز الجزائري في المنطقة من خلال مبادرات استثمارية كبرى (خط الغاز مع نيجيريا، ميناء الداخلة الأطلسي)، وانخراط أمني هادئ عبر التنسيق الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب، وبناء تحالفات مرنة مع دول الساحل التي باتت تبحث عن شركاء عمليين بدل الشعارات الثورية.
في المقابل، أصبحت جبهة البوليساريو الانفصالية، المدعومة من الجزائر، مصدر قلق إقليمي بسبب تقارير عن ارتباطات مع جماعات مسلحة وإرهابية تنشط في الساحل، وهو ما يحرج الجزائر ويضعها أمام خيارات صعبة.