الناصري أمام القضاء: لم أمنح الملايين والذهب كهدايا لرأفت.. وأموال الوداد قانونية وموثقة

في تطور لافت لقضية “إسكوبار الصحراء”، التي تُعد واحدة من أكثر الملفات الجنائية تعقيدًا في السنوات الأخيرة بالمملكة، شهدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء جلسة مطولة ومشحونة بالتصريحات والمعطيات المثيرة، كان بطلها سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي والقيادي السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، والذي يواجه تُهماً ثقيلة تتعلق بالضلوع في شبكة دولية للاتجار في المخدرات، وهي التهم التي واصل إنكارها بشدة خلال مثوله أمام الهيئة القضائية.
خلال هذه الجلسة التي ترأسها المستشار علي الطرشي، قدّم الناصري دفاعاً مفصلاً عن نفسه، نافياً بشكل قاطع علاقته بأي نشاط غير قانوني، خاصة ما يتعلق بتهريب المخدرات أو التعامل المالي المشبوه مع الحاج بن إبراهيم، الملقب بـ"إسكوبار الصحراء".
دفاع الناصري، ممثلاً في المحامي مبارك المسكيني، شدد في تصريحات صحفية عقب انتهاء الجلسة على أن هذه الأخيرة كانت "حاسمة"، مشيراً إلى أن الأدلة التي تم تقديمها، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والوثائق البنكية، تبرئ موكله بشكل واضح.
وأضاف أن الناصري قدّم وثائق رسمية تثبت مصدر كل درهم دخل إلى حساباته، مشيراً إلى أن مزاعم استعمال أموال مشبوهة في تسيير نادي الوداد البيضاوي "لا أساس لها من الصحة".
واعتبر الدفاع أن المكالمات الهاتفية المعروضة أمام المحكمة والتي رُوّج أنها تُدين موكله، جاءت فارغة من أي مضمون يُشير إلى علاقة بالمخدرات أو أي تنسيق مع أفراد الشبكة المتهمة، بل على العكس، تكشف وفق دفاعه، أن الحاج المالي، العقل المدبر المفترض للشبكة، كان يطلب مساعدات مالية بسيطة لا تتجاوز بضعة آلاف من الدراهم، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع طبيعة أي علاقة بين شريكين في تجارة مخدرات تقدر بالملايين.
وخلال الاستماع إليه، نفى الناصري أي علاقة له بأسماء وردت في تصريحات المتهمين الآخرين، خاصة ما تعلق بالمواطن الإسباني، مؤكدا أنه لا يعرف هؤلاء ولا علاقة له بعمليات التهريب.
كما دحض الدفاع، حسب ما أكده الناصري في الجلسة، الرواية المتعلقة بتسليمه كيسا بلاستيكيا يحتوي مبلغا ماليا مهما للفنانة لطيفة رأفت، واصفًا إياها بأنها روايات متناقضة وغير منسجمة".
مشيرًا حسب ما أكده الدفاع، أن الناصيري لم يسبق له أن تعامل في تجارة الذهب حتى يُهديها خواتم كما ادّعت لطيفة رأفت، قبل زواجها بالمالي الجنسية.
ودعا دفاع الناصري المحكمة إلى استدعاء موظف بإدارة السجون، ورد اسمه في التحقيقات، للتحقق من مزاعم إرسال شريحة هاتفية من قبل المتهم إلى "إسكوبار الصحراء"، وهو الأمر الذي شدد الناصري على نفيه التام، مؤكدًا أنه لم يسبق له أن التقى هذا الموظف ولا أن تعامل معه من قريب أو بعيد.
ومن أبرز ما جاء في الجلسة، عرض المحكمة لتحويلات مالية ضخمة بلغت نحو 89 مليونًا و910 آلاف درهم، تمت بين عامي 2014 و2023.
وهنا قدم الناصري روايته، مشيرًا إلى أن هذه المبالغ جاءت على دفعات وأن جزءًا كبيرًا منها خُصص لدعم الوداد الرياضي، مؤكداً أنه توصل بإعانات مالية من رجال أعمال مقربين، ضمنهم الرئيس الحالي للفريق الأحمر هشام آيت منا، لدعم ترشحه ومهمته على رأس الفريق، خاصة في ظل تراكم الديون الثقيلة على النادي آنذاك.
ورداً على تهمة تسيير النادي بأموال مصدرها مجهول أو مشبوه، قدّم الناصري، حسب ما أكده دفاع المتهم، نسخا من عقود شراء لاعبين وأداء خدمات رياضية، كلها تمت بشكل قانوني وموثقة.
وأوضح دفاع المتهم أن الناصري وضع مبلغ مليار و800 مليون سنتيم في حساب ابنه لا علاقة له بالشبكة، وإنما لاعتبارات إدارية، مشيرًا إلى أن الابن لم تكن له أي علاقة بتسيير النادي.
ورغم أن جلسة اليوم لم تسفر عن حكم نهائي، إلا أنها كشفت النقاب عن مسارات جديدة ومعطيات قد تُعيد تشكيل مسار المحاكمة، في انتظار الجلسات المقبلة التي ستحدد مستقبل سعيد الناصري داخل أسوار محكمة الاستئناف، بين التبرئة أو الإدانة في واحدة من أكثر القضايا الجنائية التي حبست أنفاس الرأي العام المغربي.
ويضم هذا الملف، أزيد من 28 متهما من العيار الثقيل، أبرز الأسماء التي تثير الجدل في أروقة المحكمة هو سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي والقيادي البارز السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، إلى جانب عبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، وآخرين من بينهم برلمانيون، رجال أعمال، ووسطاء عقاريون.