ملف المتاجرة في الشهادات العليا يربك الساحة السياسية.. والسعدي يخرج عن صمته

الكاتب : انس شريد

23 مايو 2025 - 10:30
الخط :

في خضم تصاعد الجدل حول قضية المتاجرة في الشهادات العليا بكلية الحقوق بأكادير، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات مثيرة للجدل، أُقحمت فيها أسماء شخصيات بارزة يُزعم ارتباطها بهذا الملف.

وفي هذا الصدد أعلن لحسن السعدي كاتب الدولة لدى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، المكلف بالصناعة التقليدية، عن مباشرته اتخاذ كل الإجراءات القانونية في مواجهة حملات تداول اسمه وصورته من قبل صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن الغاية من هذه الحملات هو “التشهير والإساءة”.

ونفى السعدي في تدوينة عبر حسابه فايسبوك، بشكل قاطع أي صلة له بملف الماستر الذي أُثير بشأنه جدل واسع بجامعة ابن زهر بأكادير.

مضيفا: “لم يحصل لي الشرف يوما أن أكون طالبا بجامعة ابن زهر، رغم احترامي الكبير لهذه المؤسسة وما قدمته من كفاءات وأطر متميزة في مختلف المجالات”.

وتابع: “لا أفهم حقيقة دوافع من يسعى اليوم إلى الزج باسمي وصورتي في ملف يتعلق بشواهد ماستر معروض أمام القضاء”، مؤكدا “بشكل قاطع” أن لا علاقة له بهذا الموضوع وأنه لم يكن يوما طالبا في هذا الماستر.

وعبّر السعدي، عن فخره بمساره الدراسي والمهني، الذي وصفه بكونه “ثمرة اختيارات شخصية نابعة من قناعاته وقيمه”، مردفا: “‏‌‎كنت سعيدا وأنا تلميذ يلقى التنويه والتشجيع من أستاذاته بثانوية الأطلس الإعدادية بتافراوت، ثم بالثانوية الجديدة بنفس المدينة، حيث حصلت على شهادة الباكلوريا بميزة حسن”.

و‏‌‎بعدها، يضيف السعدي، “اخترت عن قناعة ومسؤولية أن أواصل دراستي الجامعية بشعبة الفلسفة بجامعة القاضي عياض بمراكش، ونلت بها شهادة الإجازة، وكان لي شرف التتلمذ على يد أساتذة أجلاء ما زالت تربطني بهم علاقة صداقة وتقدير”.

وأوضح السعدي، أنه “في إطار مواصلة مساري الأكاديمي، التحقت بالجامعة الدولية لأكادير، حيث حصلت على شهادة الماستر في تخصص “الحكامة الترابية والتنمية الجهوية”، وهو مسار دراسي اعتز به كثيرا”.

ودخل عدد من أعضاء الحكومة على خط ملف بيع الشهادات الجامعية، حيث حرص كريم زيدان، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، مؤخرا، خلال مشاركته في ندوة حوارية نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، على التمييز بين الممارسات الفردية والسواد الأعظم من نساء ورجال التعليم، مؤكداً أن "غالبية رجال التعليم نزهاء، يساهمون في تكوين أجيال المغرب رغم الظروف الصعبة، خاصة بالمناطق النائية".

وأضاف أن الفساد ظاهرة لا تقتصر على المغرب، لافتاً إلى أن "حتى في ألمانيا ليس كل الأساتذة نزهاء".

كما دعا المتحدث ذاته، إلى كسر الصورة النمطية التي تمجد الآخر وتجلد الذات دون موضوعية.

وفي المقابل سبق أن فجر وزير العدل عبد اللطيف وهبي واحدة من أخطر الفضائح التي هزت كواليس الجامعة المغربية، حين كشف عن معطيات غير مسبوقة تتعلق بالقضية المعروفة إعلامياً بـ"مافيا الماستر"، والتي يتابع فيها أستاذ جامعي بأكادير بتهم التلاعب في الشهادات العليا مقابل مبالغ مالية.

الوزير، مؤخرا خلال تقديم مشروع قانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، لم يتوان عن فتح النار على رموز مفترضة للفساد داخل المنظومة الجامعية، حين أعلن أمام ممثلي الأمة أنه يحتفظ داخل وزارته بوثيقة رسمية، وقعها المتهم الرئيسي في قضية بيع دبلومات الماستر، الأستاذ أحمد قيلش، بصفته رئيس جمعية لمحاربة الرشوة، إلى جانب وزير عدل سابق، في إطار ما اعتُبر حينها اتفاقية لمحاربة الفساد.

وخاطب وهبي النواب قائلاً بلهجة حازمة: "الاتفاقية وقعها هادا لي متابع أمام القضاء في قضية الدبلومات، إيلا بغيتو ننشرها ليكوم أنا موجود"، في ما بدا أنه تحدٍ صريح لكشف المستور، وقطع للطريق أمام محاولات التستر على خيوط الشبكة التي تورط فيها أسماء وازنة.

وفي المقابل، سبق أن طالب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مكونات مجلس النواب بعدم التعليق على قضية الأستاذ الجامعي المتابع في قضية تتعلق ببيع شهادات عليا، نظرا إلى أن المؤسسة القضائية هي التي تشرف على الموضوع.

وقال أخنوش خلال جلسة الأسئلة الخاصة بالسياسة العامة المنعقدة اليوم الإثنين الماضي بمجلس النواب، “طُرحت عدة أسئلة بخصوص أستاذ التعليم العالي بأكادير، ولا يمكنني التعليق على قضية تروج أمام القضاء احتراما لاستقلالية المؤسسة القضائية”.

من جانبها، لم تفوت المعارضة البرلمانية الفرصة لتوجيه انتقادات لاذعة للحكومة، معتبرةً أن ما يحدث في التعليم العالي تجاوز حدود الإكراهات المادية ليتحول إلى "أزمة قيم حقيقية".

ووصفت المعارضة مؤخرا ما يجري بـ"الفضيحة الأخلاقية"، مشددة على أن المسألة لا تتعلق فقط ببيع أو تزوير الشهادات، بل بمسؤولية صناع القرار داخل الجامعة المغربية.

كما حذرت من تداعيات هذه الانحرافات، التي مكنت – حسب تعبيرها – أصحاب شهادات مزورة من اعتلاء مناصب حكومية ومواقع عليا حساسة، في وقت يُقصى فيه الكفاءات الحقيقية من فرصها المستحقة.

تجدر الإشارة إلى أن الأستاذ الجامعي المتهم جرت متابعته من طرف قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش في حالة اعتقال، وتم إيداعه السجن المحلي الوداية.

كما تواصل السلطات القضائية تحقيقاتها المكثفة في الملف الذي هز أركان التعليم العالي بالمغرب، والمتعلق بتوقيف أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر في أكادير، المتهم بتكوين شبكة داخل الحرم الجامعي، تعمد إلى "بيع الماستر" مقابل مبالغ مالية طائلة، ما أعاد النقاش حول مصداقية الشهادات الجامعية، واستقلالية البحث العلمي، إلى واجهة الرأي العام الوطني.

آخر الأخبار