"الادارة" تواجه تهمة بالتمييز الحزبي

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

25 مايو 2025 - 06:00
الخط :

أعرب المرصد المغربي لحقوق الإنسان عن "استنكاره الشديد" لما وصفه بـ"كل أشكال التمييز في التعامل مع الأحزاب السياسية".
وأدان المرصد ما اعتبره "تحويلا ظرفيا للفضاء العمومي إلى ملكية حزبية"، في إشارة إلى واقعتين متزامنتين شهدتهما كل من تارودانت وأكادير.

ودعا المرصد، في بيان، السلطات المعنية إلى تقديم توضيحات عاجلة للرأي العام حول دواعي "المنع والسماح".
وشدد ذات المصدر على ضرورة احترام مبدأ الشفافية الدستورية في تدبير الحياة السياسية والفضاءات العمومية.

وقال المرصد إن السلطات المحلية بمنطقة أولوز التابعة لإقليم تارودانت منعت، بتاريخ 23 ماي الجاري، تنظيم لقاء سياسي لحزب العدالة والتنمية، في الوقت الذي سمح فيه بتنظيم نشاط حزبي مغلق لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار داخل حديقة عبد الرحمن اليوسفي بمدينة أكادير، وهي فضاء عمومي تم إغلاقه أمام المواطنين لفائدة النشاط المذكور دون إعلان أي مبرر قانوني.

واعتبر المرصد أن ما وقع "لا يندرج ضمن الأخطاء الإدارية المعزولة"، بل يمثل، بحسبه، "اختلالا بنيويا يطال مبدأ الحياد الإيجابي للسلطة تجاه التعددية الحزبية".
وأبرز المرصد المغربي لحقوق الإنسان أن هذا التعامل بمنطقين يشكل "خرقا صريحا للفصل السابع من الدستور، ولمقتضيات القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، وكذا للمواثيق الدولية التي التزم بها المغرب، من ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

إنتاج الريع السياسي

المرصد الحقوقي لم يتوقف عند حدود الإدانة، بل انتقد بشدة ما وصفه بـ"الاحتكار الرمزي للفضاء العمومي"، مبرزا أن السلطات أو جزءا منها "تمنح امتيازات ضمنية لحزب بعينه"، في إشارة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الائتلاف الحكومي، مقابل "تضييق ممنهج" على أحزاب أخرى عبر أدوات إدارية وأمنية.

وأضاف ذات المصدر "نحن أمام نمط من الهيمنة الناعمة التي تمارس عبر تطبيع التفاوت السياسي، وإعادة تشكيل المجال العام وفق مقاييس المصلحة الحزبية الضيقة"، في انتقاد غير مباشر لما اعتبره "تواطؤا إداريا" مع جهات سياسية نافذة.

وطالب المرصد اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بتحمل مسؤوليتها في رصد هذه "الممارسات الخطيرة"، والتنبيه إلى "تداعياتها على الحريات العامة وتكافؤ الفرص"، داعيا في الآن ذاته إلى إطلاق نقاش وطني جدي حول حياد الإدارة في العملية السياسية.

فوكو حاضر..

ولفت المرصد لفكر الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، معتبرا أن "تقنيات السلطة لا تمارس من الأعلى فقط، بل تتغلغل في تفاصيل الحياة اليومية، من ضمنها إدارة الفضاء العمومي".

واعتبر أن تخصيص حديقة عبد الرحمن اليوسفي، وهي أحد الرموز المرتبطة بالنضال من أجل الديمقراطية في المغرب، لنشاط حزبي دون غيره، "فعل سياسي يتجاوز التنظيم الإداري"، ويكشف، عن "أسلوب ناعم لإعادة إنتاج الهيمنة والتفاوت، في تعارض صارخ مع روح الانتقال الديمقراطي".

تحصين الديمقراطية

وختم المرصد بيانه بدعوة السلطات إلى تجنب "الانتقائية في تطبيق القانون"، محذرا من أن "تكرار هذه السلوكيات قد يفرغ الحياة السياسية من مضمونها التعددي"، ويقوض الثقة في المؤسسات، داعيا إلى "المساءلة واليقظة الديمقراطية كمداخل لحماية المكتسبات الحقوقية التي راكمها المغرب طيلة العقود الأخيرة".

آخر الأخبار