مخاوف برلمانية من تسلل المحتالين إلى الدعم الاجتماعي ومطالب بإدماج الاقتصاد غير المهيكل

الكاتب : انس شريد

27 مايو 2025 - 08:30
الخط :

في جلسة سياسية مشحونة بالمداخلات والمواقف المتباينة، شهد مجلس المستشارين يوم الثلاثاء 27 ماي 2025 نقاشًا حيويًا خلال الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة، والتي خُصصت لمحور “ترسيخ مقومات الإنصاف والحماية الاجتماعية”.

وتحولت الجلسة إلى منصة للتنبيه، وأحيانًا للمساءلة، حول تحديات منظومة الدعم الاجتماعي وآفاق ورش الحماية الاجتماعية، الذي يُعد من أبرز الأوراش الوطنية الراهنة.

ووجّه الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية تحذيرًا صريحًا إلى الحكومة بشأن ما اعتبره تفشيًا متزايدًا لمظاهر الاحتيال في الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، المخصص للفئات الهشة والمعوزة.

وأكد رئيس الفريق، يوسف أيدي، أن هذا الدعم، الذي يُفترض أن يُصرف للمستحقين الحقيقيين، أصبح عرضة لاختراقات ممنهجة، تُمارس من طرف مواطنين يلتفون على الشروط القانونية للاستفادة منه.

ووقف المتحدث ذاته، عند ظاهرة وصفها بالمقلقة، تتمثل في امتناع عدد من العمال عن التصريح بأنفسهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، رغم ممارستهم لنشاط مأجور، حفاظًا على استفادتهم من الدعم العمومي.

وأشار إلى أن هؤلاء الأفراد يفرضون على مشغليهم هذا الشرط، ما يسمح لهم بجمع دخلين في آن واحد: أجر العمل والدعم العمومي، في سلوك يتنافى مع مبدأ العدالة الاجتماعية ويهدد بنسف فلسفة التضامن التي يقوم عليها هذا الورش الوطني.

وحذر أيدي من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يُفقد منظومة الدعم مصداقيتها، ويقلص فعاليتها في بلوغ الفئات المستهدفة، مطالبًا الحكومة بتفعيل آليات رقابة صارمة، وضمان عدم تحول الدعم الاجتماعي إلى ريع.

من جهة أخرى، سجل الاتحاد العام لمقاولات المغرب حضوره في النقاش البرلماني عبر مداخلة قوية قدّم خلالها المستشار عزيز بوسلخن رؤية أرباب المقاولات حول ورش الحماية الاجتماعية، الذي وصفه بـ"إنجاز وطني كبير" و"استثمار ذكي في الرأسمال البشري"، منوها بالمكتسبات المحققة تحت القيادة الملكية.

إلا أن المستشار حذّر في المقابل من تحديين هيكليين يعترضان تحقيق الأهداف الكاملة لهذا المشروع، وهما ثقل الاقتصاد غير المهيكل، وتخلف مدونة الشغل عن مواكبة التحولات التي يعرفها سوق العمل.

وأشار إلى أن الاقتصاد غير المهيكل، الذي يشكل ما بين 10% و30% من الناتج الداخلي الخام ويشغل نحو نصف اليد العاملة، يثقل كاهل القطاع المنظم ويهدد التوازن المالي لمنظومة الحماية الاجتماعية، داعيًا إلى إدماج تدريجي ومنظم لهذا القطاع، من خلال تحفيزات مدروسة، بهدف توسيع قاعدة المساهمين وضمان الاستدامة.

كما دعا إلى إصلاح متوازن لمدونة الشغل، يأخذ بعين الاعتبار واقع العمل المعاصر، مثل الرقمنة، والعمل عن بعد، وريادة الأعمال الذاتية، مشيرًا إلى أن صلابة الإطار القانوني الحالي تعيق مرونة السوق ولا تساعد على تحقيق الأهداف المرتبطة بتوسيع التغطية الاجتماعية.

وشدد على أن الإصلاح يجب أن يُفهم على أنه تحديث ضروري يخدم استقرار المقاولة، ويعزز خلق فرص عمل لائقة، لا أنه صراع بين طرفي الإنتاج.

وفي مداخلته، نبّه بوسلخن كذلك إلى أن آليات الدعم الاجتماعي قد تُنتج آثارًا عكسية إذا لم تُربط بشروط تشجع على الاندماج في سوق الشغل النظامي، مؤكداً على ضرورة توجيه الدعم نحو التكوين والتشغيل، وليس فقط نحو الاستهلاك، لضمان تحول الدعم إلى أداة تمكين وليس مجرد مساعدة ظرفية.

آخر الأخبار