بعد انتقادات البرلمان لأرضية “دونور”.. مسؤول يخرج عن صمته ويكشف الأسباب

في مشهد كروي كان من المفترض أن يُظهر الوجه المضيء للبنية التحتية الرياضية بالمغرب، تحوّلت المباراة الودية التي جمعت بين الوداد الرياضي ونادي إشبيلية الإسباني إلى ساحة انتقادات حادة، ليس بسبب الأداء فوق المستطيل الأخضر، بل بسبب حالة المستطيل ذاته.
وظهرت أرضية المركب الرياضي محمد الخامس في وضعية متدهورة صادمة، تسببت في خيبة أمل كبيرة وسط الجماهير والمتابعين، وأعادت الجدل القديم المتجدد حول مدى نجاعة الإصلاحات التي شهدها هذا الصرح الرياضي خلال السنوات الأخيرة، والتي استنزفت ميزانيات ضخمة دون أن تعكس نتائج ملموسة على الأرض.
المركب الذي أُعيد افتتاحه قبل أسابيع فقط، بعد ما وُصف حينها بأشغال تأهيل شاملة ومكثفة، لم يحتضن سوى ثلاث مباريات، لكنه مع ذلك لم يصمد أمام أول اختبار جدّي، حيث بدت الأرضية غير متجانسة، غير مستوية، وتضمّنت ثغرات واضحة أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا وسيلًا من التساؤلات حول أسباب هذا التدهور السريع.
ودفع المشهد العديدين إلى التشكيك في جدية الإصلاحات، وجدوى الاستمرار في ضخ أموال عمومية في ملعب بات يُعرف أكثر بإخفاقاته المتكررة من نجاحاته التنظيمية.
في محاولة لامتصاص موجة الانتقادات، خرج كريم كلايبي، عضو لجنة القيادة والتتبع بالمركب، بتصريح إعلامي توصلت به الجريدة 24، أن الأرضية الحالية هي عبارة عن عشب طبيعي هجين يجمع بين نوعين: Ray GRASS الذي يتكيف مع الجو البارد و BERMUDE الذي يتكيف مع الجو الحار، في الوقت الراهن، تمر الأرضية بفترة انتقالية حيث يدخل عشب راي غراس في فترة سكون بينما يبدأ عشب بربودا في الازدهار. هذا قد يؤدي إلى ظهور بعض الثغرات وعدم الاستواء في بعض المناطق .
وأبرز المتحدث ذاته، أن المركب خضع لإصلاحات متعددة طويلة الأمد قبل افتتاحه، وهذه التحديات تعتبر جزءا طبيعيا من عملية الانتقال.
مضيفا أنه تم اتخاذ التدابير اللازمة لأهمية هذه المرحلة، حيث تم تنفيذ عمليات الصيانة الضرورية بين 13 و20 ماي، مما سيساهم في تحسين التجانس العام للأرضية.
وأبرز ذات المتحدث، أن الجميع يراهن على تحقيق أعلى معايير الجودة هو هدف رئيسي، خاصة مع اقتراب استضافة المركب لمباريات كأس أمم أفريقيا، مؤكدا أن التركيز يبقى على ضمان تقديم تجربة ممتازة للاعبين والجماهير.
وكانت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، لبنى الصغيري، سؤالًا كتابيًا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد برادة، دعت فيه إلى فتح تحقيق شفاف في أسباب تدهور أرضية الملعب، رغم عشر سنوات من الإصلاحات المتكررة والاعتمادات المالية الضخمة التي تم تخصيصها لتأهيله.
وأكدت النائبة البرلمانية أن الجماهير المغربية فوجئت خلال المباراة الدولية الأخيرة بظهور الأرضية في وضع كارثي، ما يتناقض تمامًا مع ما يُروّج حول جودة الإصلاحات، ويضع علامات استفهام حول مدى احترام دفاتر التحملات، وجدّية تتبع الصفقات المرتبطة بهذا المشروع.
وأشارت إلى أن ما حدث يُسيء إلى الجهود التي تبذلها المملكة على المستويين الإفريقي والدولي في مجال البنيات التحتية الرياضية، معتبرة أن صورة البلاد على المحك، خصوصًا مع اقتراب احتضان أحداث كبرى ستوجه أنظار العالم إلى الملاعب المغربية.
كما تساءلت لبنى الصغيري: هل قامت الوزارة الوصية عن القطاع، بتنسيقٍ مع القطاعات والمؤسسات والهيئات العمومية الأخرى المتدخلة، بتتبع هذه الأشغال وتقييم نتائجها؟ وما هي الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها لفتح تحقيق شفاف في الموضوع وترتيب المسؤوليات، حمايةً للمال العام وللصورة الرياضية لبلادنا؟
وإلى جانب التساؤلات التقنية والمالية، يُطرح التساؤل السياسي المرتبط بربط المسؤولية بالمحاسبة، في ظل تكرار نفس السيناريو مع كل عملية إصلاح جديدة للمركب، دون أن تُسفر عن نتيجة مرضية.
وهو ما يعكس، بحسب متابعين، ضعف الرقابة وغياب المساءلة الحقيقية بشأن صرف المال العام في مشاريع لا تصمد أمام أول اختبار.