"الناشط" العميل الذي فوض نفسه متحدثا باسم المغاربة خدمة لأعداء وطنهم

الكاتب : الجريدة24

30 مايو 2025 - 01:30
الخط :

سمير الحيفوفي

في بلادنا التي لا تعاني من نقص في الكوميديا السياسية، كفرة كثر بالوطن يؤمنون بكل ما يعادي مصالحه وينسفها، ولأجل ذلك يتموقعون وفق الأهواء والغايات التي يرمون إليها، ومن يدخرونهم لتنزيل أمانيهم.

وكعادته خرج علينا أحد هواة التموضع الإيديولوجي، ليفرغ ما جعبته من محفوظات مشروخة، ترسبت لديه بعدما لامسه رذاذ القومجية البائدة، وتعلم ترديد تكبيرات الممانعة وفن الـ"ريكلام" من المتاجرة بالقضية الفلسطينية، مثل أي بائع متجول وجد نفسه صفر اليدين وهو يتجول بين أرصفة خالية.

ويتعلق الأمر بالبيدق الهمام المتعدد المهام، الذي يمتشق الكلام ككل مرة متسلحا بتعاليم المضمنة في الأجندات المعادية، وقد تربى في حضن نظام البعث السوري وتجرع الضغينة من ثدي طهران، وكبر في حجر العسكر، وأصبح طيعا في يد كل من تسول له نفسه الشر تجاه المغرب.

لقد تناهت إلى مسامع صاحبنا لأول مرة لفظة "القومية العربية" في إذاعة دمشق، وراق لها وقعها وحفظ الممانعة من خطب حسن نصر الله الهالك، ومن قادة "حماس" الأشاوس في صنع الدروع البشرية، فكان أن تحمّس أكثر من اللازم، فأفتى على المسامع بما لا يفتي به الدستور قائلا إن العلاقة المغربية الإسرائيلية "ضد خيارات الشعب المغربي".

صاحبنا هذا الذي لم يصطف يوما إلى جانب الوطن، والذي يستل سكينه المسمومة ليغرزها في ظهره حين تلوح أمامه الفرصة، تحدث وكأنه عارف بكل شيء وكأن له بلورة سحرية تطلعه بما يدور في الخلد الجمعي للمغاربة، أو أنه استيقظ صباحًا، وفتح نافذة "الوجدان الشعبي"، فأجابه سبعة وثلاثون مليون مغربي بصوت واحد: نحن نرفض هذا القرار!

وإنها لمزايدة خبيثة مثلما هي مقيتة، لكن، من قال إن للمزايدة حدودًا؟ فالرجل أصبح يصول ويجول بين المواقع، ويدلي بالخزعبلات وكأنه موكل من المغاربة ومفوض سامٍ لإرادة الأمة، وناطق غير رسمي باسم جماهير لم تصوت له يومًا إلا في خياله الثوري المتلاشي.

ومن بيروت أيام كان "حزب اللات" يوزع صكوك الشرف، إلى الجزائر حيث أجندة الدولة الجارة توزع صكوك الولاء، تجد صاحبنا ينط هنا وهناك، وهو بذلك لا يضيع فرصة في خدمة كل من يعادي مصلحة بلاده يجيب كل من دعاه ليشوش ويناوش بل يزيد من "اجتهاده"، شريطة يكون المقابل شيكا محررا بالدولار أو الدينار.

يحدثنا هذا "الناشط" عن السيادة، ولم يخجل، وكأنه لم يقض سنوات في خدمة ميليشيات وظيفتها الأساسية تقويض سيادات الآخرين، وضرب أركان الدول، يحدثنا عن التطبيع وكأنه لم يتطبع على الارتماء في أحضان أجهزة أمنية تعتقد أن كل ما هو مغربي خطر استراتيجي، يحدثنا عن فلسطين وكأنه لم يُستعمل مرارًا كورقة صدئة في يد من لا يريد لا فلسطين ولا تحريرها، بل فقط أدوات لإرباك الخصوم.

ولأن النفاق لا يشيب، حتما ستجده غدًا في ندوة مغلقة، يبكي ويولول ويرفع عقيرته بالصياح يندب عبره العروبة، ويهاجم المغرب الأرض التي أطلق فيها صرخته الأولى ومنحته سلطاتها شهادة الميلاد وجواز السفر، ووسعت هامش حريته أكثر من غيرها من الدول التي يخدمها، وبذلك فسحت له المجال ليصرخ دون حتى أن يسأله أحد: من أنت أصلاً؟

فعلا إنه زمن العجائب… حين يصبح عميل صغير صوتًا مرتفعًا، فقط لأنه تعلّم فن الصراخ السياسي المأجور.

آخر الأخبار