مطالب برلمانية بضمان التغطية الصحية للمطلقات المصابات بأمراض مزمنة

تعيش العديد من النساء المطلقات في المغرب أوضاعًا صحية واجتماعية صعبة عقب فسخ العلاقة الزوجية، بسبب فقدانهن التغطية الصحية التي كنّ يستفدن منها خلال فترة الزواج، باعتبارهن من ذوي الحقوق للمؤمَّن عليهم.
هذا الانقطاع الفجائي عن منظومة الرعاية الصحية يضعهن في مواجهة مباشرة مع واقع هش تزداد حدّته عندما يتعلق الأمر بمطلقات يعانين من أمراض مزمنة أو خطيرة مثل السرطان، حيث تتطلب حالتهن علاجات طويلة الأمد وتكاليف مرتفعة لا قدرة لهن على تحملها في ظل غياب دخل قار أو استقلال مالي.
ويُعدّ هذا الحرمان مساسًا صريحًا بالحق في الصحة، كما يُكرّس الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئة، التي تجد نفسها فجأة خارج أي تغطية صحية دون بديل انتقالي يضمن استمرارية العلاج.
وضع دفع بعدد من الجمعيات الحقوقية إلى دق ناقوس الخطر، حيث طالبت مرارًا بضرورة مراجعة القوانين المؤطرة للتغطية الصحية بشكل يراعي الحالات الخاصة، ويدمج المطلقات المريضات ضمن فئات الحماية الاجتماعية المستحقة، خاصة وأن الأمر يتعلق بحقوق إنسانية أساسية غير قابلة للتجزيء.
وفي تطور لافت، أثارت النائبة البرلمانية لطيفة الشريف عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هذه الإشكالية داخل قبة البرلمان، من خلال سؤال كتابي وجهته إلى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أشارت فيه إلى أن هذا الوضع يتنافى مع مقتضيات الفصل 31 من الدستور المغربي، الذي يكفل الحق في العلاج والحماية الاجتماعية لكافة المواطنين دون تمييز.
واعتبرت النائبة البرلمانية في معرض سؤالها أن ما تعانيه المطلقات المريضات لا يمثل فقط انتهاكًا لحقهن في الرعاية الصحية، بل يُضاعف من معاناتهن النفسية والاقتصادية، ويضعهن أمام واقع لا يرحم، في غياب أي إطار قانوني انتقالي يضمن استمرارية استفادتهن من التغطية الصحية بعد الطلاق.
وأكدت النائبة البرلمانية أن هذه الفجوة القانونية تستدعي مساءلة شاملة حول مدى فعالية المنظومة الاجتماعية في حماية الفئات الأكثر هشاشة، خاصة النساء المطلقات في وضعيات صحية حرجة.
كما تساءلت عن التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها، بالتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية المعنية، من أجل ضمان استمرارية ولوج هؤلاء النساء إلى العلاج، وإمكانية إرساء آلية تشريعية أو اجتماعية تراعي وضعهن الاستثنائي.
وبينما تتواصل مطالب المجتمع المدني، وعلى رأسه الجمعيات النسائية والحقوقية، بإدماج هذه الفئة في منظومة الحماية الاجتماعية، لا تزال آلاف المطلقات يعانين في صمت من تبعات انقطاع التغطية الصحية، وسط مؤشرات مقلقة لتزايد عدد الحالات التي لا تجد من يسندها في رحلة العلاج الطويلة.
ويؤكد فاعلون مدنيون أن التمكين الصحي لا يمكن فصله عن التمكين الاجتماعي والاقتصادي، معتبرين أن ترك هذه الفئة في مواجهة مصيرها دون دعم يُعدّ تقصيرًا مؤسساتيًا يجب تصحيحه عبر سياسات عمومية شاملة ومنصفة.