السلطات تمنع بيع المواشي وتغلق مداخل "الرحبة" بضواحي الدار البيضاء

تشهد ضواحي مدينة الدار البيضاء وعدد من المناطق بالمملكة، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، حالة استنفار غير مسبوقة، على خلفية شن السلطات المحلية والمصالح الدركية حملة واسعة لمنع إدخال الأغنام والماعز إلى الأسواق الأسبوعية.
وتأتي هذه الحملة في سياق تنفيذ التعليمات الرسمية المتعلقة بإلغاء ذبح الأضاحي هذه السنة، وهو القرار الذي أحدث ارتباكاً واضحاً في أوساط المهنيين والمواطنين على حد سواء، وأعاد تشكيل معالم أسواق العيد بشكل غير مألوف.
ففي سوق السبيت، أحد أكبر الأسواق الأسبوعية بجهة الدار البيضاء – سطات، طوقت عناصر الدرك الملكي المكان، ومنعت أي شاحنة أو مركبة من إدخال رؤوس الأغنام، في مشهد وصفه الحاضرون بغير المسبوق.
وقد أكد شهود عيان من المهنيين أنه تم توقيف عدد من الكسابة الذين حاولوا إدخال خرفانهم رغم المنع، حيث جرى إرجاعهم بالقوة، فيما تم تسجيل مخالفات في حق من لم يمتثلوا لتعليمات المنع.
التحركات الميدانية الصارمة لم تقتصر على سوق السبيت فقط، بل شملت عدة نقاط بيع وأسواق أسبوعية في محيط العاصمة الاقتصادية، حيث تم تشديد المراقبة على الطرق الوطنية، وفرض قيود صارمة على تنقل الشاحنات المحملة بالأغنام والماعز، مع السماح فقط بنقل الأبقار في بعض الحالات المرتبطة بالذبح العادي خارج طقوس العيد.
وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد القرار الملكي الذي دعا إلى عدم نحر الأضاحي هذه السنة، بسبب تراجع القطيع الوطني وتداعيات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف.
وهو ما دفع السلطات إلى اتخاذ سلسلة من التدابير الاحترازية لمنع أي خرق محتمل لهذا القرار، من بينها التشديد على مراقبة حركة الأغنام وتنظيم الأسواق، في محاولة لاحتواء أي فوضى قد تنجم عن بيع غير مشروع أو ذبح غير قانوني.
ورغم أن التوجه الرسمي جاء بهدف التخفيف من الأعباء الاقتصادية عن كاهل الأسر المغربية، إلا أن النتائج على أرض الواقع جاءت مغايرة، حيث شهدت أسعار اللحوم الحمراء ومشتقاتها ارتفاعاً صاروخياً خلال الأيام الأخيرة، مدفوعة بارتفاع الطلب وقلة العرض في السوق.
فقد تجاوز ثمن الكيلوغرام الواحد من اللحم الأحمر 90 درهماً، بينما قفز سعر "الدوارة" إلى ما بين 400 و500 درهم في بعض المدن الكبرى، في سابقة لم يشهدها السوق المغربي منذ سنوات.
الارتفاع الكبير في الأسعار أثار موجة من الاستياء الشعبي، خصوصاً لدى الأسر ذات الدخل المحدود التي كانت تأمل في أن يخفف تعليق الأضحية من الضغط المالي المعتاد خلال فترة العيد. غير أن الواقع فرض تحديات جديدة، دفعت الكثيرين إلى البحث عن بدائل رمزية تُمكنهم من الحفاظ على طقوس العيد، من خلال شراء قطع محددة مثل الكبد، الرئة، القلب والكرشة، وهي مكونات باتت تشكل وجبة "عيد بديلة" في ظل غياب الأضحية الكاملة.
هذا التوجه الشعبي نحو الرمزية والمحدودية، وإن عكس روح التأقلم التي تميز المغاربة، إلا أنه فتح الباب على مصراعيه أمام تنشيط الذبيحة السرية، حيث لوحظ ازدهار غير مسبوق في الأسواق الموازية، التي باتت توفر منتجات الأضحية في ظروف صحية وقانونية مشكوك فيها.
ومع تقليص الذبح النظامي وفرض قيود على ذبح الإناث، باتت هذه السوق السرية ملاذاً لعدد من الوسطاء والتجار لتحقيق أرباح سريعة، مستغلين ارتفاع الطلب وغياب المراقبة الصارمة في بعض النقاط.