صيادلة يدقون ناقوس الخطر: أسعار الأدوية تهدد التأمينات والسيادة الدوائية على المحك

دعت السكرتارية الوطنية لقطاع الصيادلة الاتحاديين، التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى مراجعة عاجلة لتسعيرة الأدوية باهظة الثمن.
السكرتارية حذرت من أثرها المباشر على استقرار صناديق التأمين ومؤسسات التعاضد.
وجاء هذا التحذير في بيان صادر عقب اجتماع موسع للمكتب الوطني، حيث طالب الصيادلة بـ"ضبط سوق الأدوية، وتشجيع الصناعة الوطنية لتحقيق السيادة الصحية والدوائية، وتوفير الأمن الدوائي الوطني بعيدا عن منطق الريع والامتيازات".
انهيار المنظومة
وأشار الصيادلة إلى أن الأسعار المرتفعة للعديد من الأدوية، خصوصا تلك المصنفة ضمن العلاجات المزمنة أو الخاصة، تشكل عبئا متزايدا على صناديق التأمين، وتفتح الباب أمام مخاطر تهدد استمراريتها.
وشدد المصدر على ضرورة تعزيز مخزون الصيدليات بشكل يضمن الاستجابة للحاجيات الدوائية الوطنية، في ظل تحديات الاستيراد وتقلبات السوق الدولية.
معركة غير محسومة
ولم تخفِ السكرتارية استياءها من استمرار ما وصفته بـ"الاختلالات" في المسلك القانوني للأدوية، مستنكرة ما أسمته بـ"الحصار المفروض" على لائحة الأدوية الخاصة بالمصحات ونظيرتها البيطرية، وعدم نشرها بوضوح.
واعتبرت أن هذا الوضع يقوض مبدأ حرية المنافسة وحق المواطن في الاختيار الحر بين مقدمي العلاج.
واعتبر المصدر أنه "لا يجوز، منطقيا وأخلاقيا، لأي جهة أن تشخص حالة المريض، وتحرر وصفته، ثم تقوم بنفسها بصرف الدواء".
وأكد الصيادلة أن هذه الممارسات تمثل خرقا صارخا لقواعد الشفافية وتضر بمداخيل الدولة وصناديق التأمين، فضلا عن تأثيرها السلبي على نمو واستقرار مهنة الصيدلة.
الحاجة إلى التقنين
ودعا الصيادلة إلى فتح نقاش واسع حول سوق المكملات الغذائية والأعشاب الطبية، بما في ذلك ضبط أثمانها وتحديد مسالك توزيعها.
واعتبرت السكرتارية أن فوضى هذا القطاع تهدد سلامة المستهلك وتتعارض مع منطق الضبط الصحي الذي يفترض أن يسري على الأدوية والمستلزمات الطبية.
وطالبت السكرتارية بتعزيز آليات التفتيش والمراقبة، انسجاما مع الفصل 112 من القانون 17.04 المنظم للقطاع، من أجل تحصين المهنة وضمان احترام المسالك القانونية للتوزيع، سواء بالنسبة للأدوية الموجهة للاستعمال البشري أو البيطري.
إقصاء المهنيين؟
وعبر الصيادلة عن رفضهم لما وصفوه بـ"الإقصاء الممنهج" لممثليهم من النقاشات الرسمية حول مستقبل المهنة. واعتبرت أن "خريطة الطريق المرسومة للقطاع ترسم من طرف واحد، في تغييب تام للهيئات المهنية والنقابية".
وخصت السكرتارية بالانتقاد تصريحات وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، ووصفتها بـ"الخرجة الإعلامية المغلوطة وغير الموفقة"، دون أن توضح طبيعة هذه التصريحات أو ما ورد فيها تحديدا.
صراع الصيدلي والطبيب..
موقف الصيادلة تكشف عن استمرار "الصراع الصامت" بين الصيادلة وبعض المكونات الأخرى للمنظومة الصحية، وعلى رأسها المصحات الخاصة، التي يتهمها المهنيون بالجمع بين التشخيص والبيع، في مخالفة صريحة لمبدأ الفصل بين المهام، وهو ما يعتبره كثيرون من داخل القطاع "أزمة هيكلية مزمنة" تحتاج إلى إصلاح جذري وشامل.
وبين مطالب المراجعة، والتحذير من تهميش المهنيين، يتضح أن قطاع الصيدلة في المغرب يعيش على وقع توترات صامتة، قد تنفجر في أي لحظة إذا استمر غياب الحوار المؤسساتي، والتأخر في الإصلاحات العميقة التي ينتظرها الفاعلون.