تعثر مشروع مستشفى مولاي رشيد يُشعل مطالب برلمانية بإنصاف الساكنة المهمّشة

يشهد ملف إنشاء المركز الاستشفائي بعمالة مقاطعات مولاي رشيد في مدينة الدار البيضاء حالة من الجمود غير المبرر، وسط تصاعد الأصوات المطالبة بتسريع إخراجه إلى حيز الوجود، في ظل وضع صحي هش تعيشه واحدة من أكبر وأفقر المناطق الحضرية في العاصمة الاقتصادية.
فرغم الحاجة الملحة لهذا المشروع الاجتماعي الحيوي، ورغم التراكمات التي خلفها التأخر في التنفيذ، لا تزال الساكنة تنتظر دون مؤشرات عملية واضحة على انطلاق الأشغال أو برمجة زمنية رسمية لإنجازه.
منطقة مولاي رشيد، التي تعرف كثافة سكانية عالية وظروفًا اجتماعية واقتصادية صعبة، تعاني من نقص واضح في البنيات الصحية الأساسية، ما يدفع الكثير من المرضى إلى التنقل نحو مستشفيات أخرى خارج نفوذ العمالة، غير مستشفى سيدي عثمان، الذي يشهد بدوره اكتظاظًا كبيرًا ونقصًا في التجهيزات والموارد البشرية.
هذا الواقع يعكس حجم المعاناة اليومية للمواطنين، ويطرح تساؤلات مشروعة حول العدالة المجالية في توزيع الخدمات الصحية العمومية.
ورغم التكرار المتواصل للمطالب والنداءات، سواء من فعاليات المجتمع المدني أو من ممثلي الأمة داخل البرلمان، فإن الوعود تظل حبيسة الأوراق دون أن تتحول إلى قرارات تنفيذية.
فقد سبق لعدد من النواب البرلمانيين أن أثاروا الموضوع مرارًا داخل قبة البرلمان، سواء عبر أسئلة شفهية أو كتابية، أو خلال اجتماعات لجان القطاعات الاجتماعية، دون أن يحظى الملف بأي تفاعل ملموس من الجهات المعنية.
وفي هذا الإطار، وجّه محمد حدادي، النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، سؤالًا كتابيًا آنيًا إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، سلط فيه الضوء على الوضعية المتردية للمرفق الصحي الحالي، الذي لا يتعدى كونه بناية إدارية قديمة كانت تستعمل في السابق كمقاطعة حضرية ثم مقرا لجماعة محلية، قبل أن تتحول بشكل مؤقت إلى مرفق يقدم خدمات صحية محدودة لا ترقى إلى مستوى تطلعات الساكنة.
وأكد النائب ذاته أن هذا "المستشفى" لا يمكنه بأي حال من الأحوال استيعاب الضغط الكبير المسجل، ولا الاستجابة للطلبات المتزايدة من المواطنين، سواء من داخل تراب العمالة أو من المناطق المحيطة بها.
وحرص حدادي على التذكير بأنه سبق أن اقترح مرارًا تخصيص وعاء عقاري تبلغ مساحته 6.5 هكتار بمنطقة الحنطات لإنجاز هذا المركز الاستشفائي المتكامل، مشيرًا إلى أن الموقع يندرج ضمن نسيج عمراني جديد يعرف تحولات كبرى، ما يجعله ملائمًا لاحتضان مؤسسة صحية حديثة تواكب حاجيات التنمية المستقبلية.
كما أبرز الطابع الاستعجالي للمشروع، بالنظر إلى الوضعية الوبائية الحرجة التي تعاني منها المنطقة، والتي تحتل الصدارة على الصعيد الوطني من حيث عدد الإصابات بداء السل، إضافة إلى معطيات اجتماعية أخرى تؤكد هشاشة الوضع العام للسكان.
الملف لا يطرح فقط إشكالًا متعلقًا بالبنية التحتية الصحية، بل يلامس أيضًا مفاهيم الإنصاف المجالي وحق المواطن في الولوج العادل إلى الخدمات العمومية، خاصة في ظل الحديث عن إصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية، يرتكز على التغطية الصحية الشاملة والنهوض بالمراكز الصحية المحلية.
وفي هذا السياق، أشار النائب البرلماني إلى أن المشروع يتماشى تمامًا مع التوجهات العامة للبرنامج الحكومي، خاصة تلك المتعلقة بتوسيع العرض الصحي وتعزيز الخدمات القرب في المناطق ذات الأولوية.
أمام هذا الوضع، يبقى السؤال المطروح بإلحاح من طرف ممثلي الساكنة والمجتمع المدني: ما هي الإجراءات العملية التي تعتزم وزارة الصحة اتخاذها من أجل تسريع وتيرة إنجاز هذا المشروع؟ وهل سيعرف العام الجاري تحركًا فعليًا نحو تخصيص الميزانية اللازمة ووضع التصور التنفيذي لبناء المركز؟ أم أن الملف سيظل رهين الرفوف، شأنه شأن مشاريع أخرى ظلت وعودًا موسمية في غياب إرادة تنفيذية حاسمة؟