بعد فاجعة الحي الحسني.. مطالب متصاعدة بوقف زحف الشاحنات داخل الدار البيضاء

في حادثة مؤلمة أعادت إلى الواجهة جدلاً قديماً حول المرور العشوائي للشاحنات الثقيلة وسط المناطق السكنية، شهدت منطقة الزبير التابعة لمقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، يوم أمس السبت، حادثة سير خطيرة تسببت فيها شاحنة من الحجم الكبير بعد فقدان سائقها السيطرة عليها، ما أدى إلى اصطدام متسلسل شمل سبع سيارات ودراجة نارية، وأسفر عن إصابات عديدة، من بينهم حالتان وُصفتا بالحرجة.
وحسب شهادات من عين المكان، سادت حالة من الذعر والارتباك فور وقوع الحادث، بينما تدخلت عناصر الوقاية المدنية بشكل عاجل لنقل المصابين إلى المستشفى، في وقت عملت فيه السلطات الأمنية على تأمين موقع الحادث وتنظيم حركة السير لتفادي مزيد من الحوادث أو الاختناقات المرورية. كما تم فتح تحقيق ميداني لتحديد أسباب الحادث والمسؤوليات المترتبة عنه.
الحادث أعاد إلى الواجهة من جديد مطالب سكان المنطقة بضرورة تقييد حركة الشاحنات الكبيرة داخل النطاقات السكنية، خاصة في الأحياء التي تعرف كثافة مرورية مرتفعة. وعبّر عدد من المواطنين عن غضبهم مما اعتبروه تجاهلاً متواصلاً لعلامات منع مرور الشاحنات، مؤكدين أن هذه المركبات الثقيلة تتنقل يومياً في شوارع تحمل إشارات واضحة بالمنع، دون رادع فعلي.
وبالرغم من إعلان جماعة الدار البيضاء في وقت سابق عن خطة لتقليص مرور الشاحنات داخل المدينة، تشمل إنشاء منصات لوجستية وربط الميناء بشبكة طرق سريعة، فإن عملية التنفيذ لا تزال بطيئة ومحدودة الأثر، ما يدفع سائقي الشاحنات إلى استخدام الشوارع الداخلية كمسارات بديلة.
وتشكل هذه الوضعية مصدر قلق متزايد للسكان، الذين يشتكون من التأثيرات اليومية لحركة الشاحنات على حياتهم، سواء من حيث الضجيج الذي يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، أو من حيث التهديد المباشر لسلامتهم، في ظل وقوع حوادث متكررة مشابهة، من بينها حادثة سابقة بمحطة الترامواي "ابن تاشفين" بالحي المحمدي، والتي أسفرت عن ثلاث وفيات وعدد من الجرحى.
ووجهت الفعاليات المدنية وجمعيات الأحياء نداءات متكررة للسلطات من أجل تطبيق صارم للقوانين المنظمة لحركة السير، وتفعيل الإجراءات المتعلقة بمنع مرور الشاحنات الثقيلة وسط الأحياء السكنية، مع الدعوة إلى التسريع بإحداث بدائل لوجستية فعالة تحترم حاجيات السائقين وتراعي في الوقت نفسه متطلبات السلامة العامة.
وتُطرح من جديد أسئلة ملحّة حول مدى جاهزية البنية التحتية الحالية لاستيعاب ضغط النقل الثقيل، ومدى التزام الجهات الوصية بتنفيذ استراتيجيات النقل الحضري التي تضمن توازناً بين متطلبات النمو الاقتصادي وحماية الأرواح والممتلكات.
الحادث الأخير بالحي الحسني لم يكن استثناءً، بل يأتي ضمن سلسلة من الوقائع المتكررة التي تضع السلطات أمام مسؤوليات ملحة لاتخاذ قرارات حاسمة لحماية سكان المدينة.
ومع تزايد الأصوات المطالبة بإجراءات سريعة وفعالة، تظل الأنظار متجهة إلى جماعة الدار البيضاء ومدى تجاوبها مع هذه المطالب التي تهم السلامة المرورية والأمن الحضري للمواطنين.