البرلمان يفتح ملف الاتجار بالشهادات المزورة.. والميداوي يتعهد بتطهير الجامعة من "الدخلاء"

الكاتب : انس شريد

02 يونيو 2025 - 09:30
الخط :

أعاد النقاش البرلماني الأخير حول التلاعب بالشهادات الجامعية تسليط الضوء على قضية تهز صورة الجامعة المغربية وتثير قلق الرأي العام بشأن مصداقية منظومة التعليم العالي.

وجاءت مداخلات عدد من النواب خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، يوم الإثنين 2 يونيو 2025، لتدق ناقوس الخطر بعد تفجر قضية المتاجرة بالشهادات العليا بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر في أكادير، وهي القضية التي أطاحت بأستاذ جامعي يُشتبه في تكوينه شبكة لبيع شهادات مزورة مقابل مبالغ مالية ضخمة.

وفي أول تعليق رسمي على هذه القضية، عبّر وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أحمد ميداوي، عن أسفه الشديد لما وصفه بالحالة "الدخيلة" على الجامعة المغربية، مؤكدا أن ما وقع لا يمثل واقع المؤسسات الجامعية بقدر ما يعكس سلوكًا فرديًا مرفوضًا ينبغي التعامل معه بالصرامة اللازمة.

وأكد الوزير أن الوزارة تنظر بجدية إلى كل ما من شأنه أن يمس بسمعة الجامعة، لكنها ترفض في الوقت ذاته تعميم هذه الممارسات المحدودة وتحويلها إلى ظاهرة، مشددًا على أن المسؤولية جماعية ومجتمعية، لا تقتصر على الأستاذ أو الموظف وإنما تشمل أيضًا الطالب، بل والمحيط بأكمله الذي يساهم في إنتاج مناخ يُغري بالتحايل على المنظومة.

وأشار ميداوي إلى أن غياب ثقافة التبليغ يفاقم من خطورة هذه التجاوزات، لافتًا إلى أن الوزارة تتوفر على آلية للتواصل عبر الخط الأخضر، إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى الهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة، إلا أن التبليغات المسجلة شبه منعدمة.

كما شدد على أن المسؤولية الإدارية تقع أيضًا على عاتق رؤساء الجامعات والعمداء ورؤساء الشعب، الذين عليهم التحلي باليقظة والصرامة في تطبيق القوانين، وعدم التساهل مع أي إخلال يمس بمصداقية الشهادة الجامعية.

وأرجع المسؤول الحكومي الأسباب الموضوعية التي تغذي هذه الظواهر إلى مجموعة من الاختلالات البنيوية، في مقدمتها الاكتظاظ داخل الجامعات، وضعف التأطير البيداغوجي والإداري، إلى جانب ثغرات في المساطر المؤطرة لسلكي الماستر والدكتوراه، مشيرًا إلى أن بعض النصوص القانونية التي تُنظّم التعليم العالي أصبحت متجاوزة ولا تواكب المستجدات التكنولوجية والتحولات الاجتماعية.

وفي هذا السياق، كشف الوزير عن شروع الوزارة في إعداد مشروع قانون جديد مؤطر للتعليم العالي، يهدف إلى إعادة هيكلة الخريطة الجامعية على أسس علمية ومعايير دولية، ويروم أيضًا تكريس المسؤولية وربطها بالمحاسبة.

ولفت إلى أن المشروع يتضمن إحداث مجلس استراتيجي للجامعات، لن يكون تحت سلطة رئيس الحكومة، بل ستترأسه شخصية وازنة، وسيكون على رؤساء الجامعات تقديم الحصيلة ومناقشة الاستراتيجيات المعتمدة أمام هذا المجلس.

كما أشار إلى إدراج دفتر تحملات خاص بالمناصب الجامعية، لضمان الكفاءة والشفافية في من يتولى المسؤولية داخل المؤسسات.

وفي سياق متصل، أكد ميداوي أن الوزارة تتجه نحو مراجعة تنظيم سلك الماستر، وربط الولوج إليه بمعايير دقيقة، مع تعميم القبول في بعض التكوينات وتقنين أخرى تحت مسمى "ماسترات التميز"، إضافة إلى إقرار تكوينات ميسّرة لفائدة غير الطلبة من المهنيين والراغبين في تطوير معارفهم.

وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار التحقيقات القضائية بشأن القضية التي تفجرت بكلية الحقوق بأكادير، حيث تم إيداع الأستاذ الجامعي المعني بالسجن المحلي بالوداية، فيما تواصل السلطات القضائية تحرياتها بشأن باقي المتورطين المحتملين داخل شبكة يُشتبه في تورطها في بيع شهادات مقابل أموال، في واحدة من أخطر قضايا الفساد التي عرفها قطاع التعليم العالي في السنوات الأخيرة.

وكانت القضية قد أثارت ردود فعل واسعة داخل الأوساط الأكاديمية والسياسية، وأعادت الجدل حول جودة الشهادات الجامعية واستقلالية البحث العلمي، ودفعت الحكومة إلى التأكيد على ضرورة إصلاح شامل لمنظومة التعليم العالي يضمن الشفافية والنزاهة ويحصّن الجامعة من كل اختراق يمس بمصداقيتها.

آخر الأخبار