شبح غلاء المحروقات يعود ليلتهم القدرة الشرائية..

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

03 يونيو 2025 - 06:00
الخط :

 

خسم من جيدد شبح ارتفاع أسعار المحروقات على الحياة اليومية للمغاربة، بعد زيادات جديدة دخلت حيز التنفيذ ابتداء من الدقيقة الأولى من يوم الأحد 1 يونيو الجاري.
الأسعار الجديدة أنهت "هدنة" مؤقتة استمرت طيلة شهرين من الاستقرار أو التراجع الطفيف، ليعود للواجهة مرة أخرى جدل تحرير الأسعار، وجشع الشركات، وفعالية السياسات الحكومية في حماية القدرة الشرائية.

زيادات مفاجئة..
وارتفع سعر الغازوال إلى حوالي 11.26 درهما للتر، بينما بلغ سعر البنزين حوالي 13.22 درهما للتر في المتوسط الوطني.
لكن الأسعار، كما المعتاد، تتفاوت بشكل كبير حسب المناطق، حيث تكون أعلى في المدن الداخلية والنائية نتيجة ارتفاع تكاليف النقل والشحن، مما يزيد من الضغط على الأسر البعيدة عن محاور التوزيع الرئيسية.

هذه الزيادة تأتي بعد شهرين من الهدوء النسبي، شهد خلالها السوق بعض التراجعات الخجولة، مثل انخفاض طفيف بـ16 سنتيما في أبريل، و12 سنتيما في مارس، بالإضافة إلى تراجع بنحو 50 سنتيما في سعر البنزين منتصف مارس، مما خلق آنذاك انطباعا مؤقتا بانفراج محتمل، لكن سرعان ما تلاشى هذا التفاؤل، ليفاجأ المواطنون بدورة جديدة من الارتفاعات، يعجزون عن فهم منطقها، خاصة في ظل تراجع أسعار النفط عالميا إلى ما دون 80 دولارا للبرميل، وسط توقعات بتراجع أكبر خلال الصيف.

 

مفارقة مؤلمة.. تراجع عالمي وغلاء بالمغرب

وتسجل هذه الزيادات الجديدة في وقت يعرف فيه السوق العالمي تقلبات حادة، لكن باتجاه الانخفاض غالبا، بفعل ارتفاع الإنتاج في بعض الدول، وتراجع الطلب في الغرب، وتخفيض توقعات النمو العالمي.
غير أن أسعار المحروقات في المغرب تصر على السير عكس الاتجاه، مما يطرح علامات استفهام حول مدى ارتباط السوق الوطنية فعلا بالمؤشرات الدولية.

ويشتكي الفاعلون في قطاع المحروقات، لاسيما النقابيون، في تصريحات متكررة، من كون شركات المحروقات حققت أكثر من 80 مليار درهم كأرباح تراكمية منذ بداية تحرير الأسعار سنة 2015، وأن الوضع الحالي يخدم فقط مصالح المحتكرين، وأن الأسعار الحالية لا تعكس الكلفة الحقيقية ولا تراعي القدرة الشرائية للمواطن.

غياب التسقيف.. وحكومة الصمت
ورغم المطالب المتكررة من قبل نقابات ومستهلكين وخبراء بضرورة تسقيف الأسعار أو تحديد هامش الربح، تواصل الحكومة نهج الصمت، وتصر على الإبقاء على نظام التحرير الكامل المعتمد منذ حكومة عبد الإله بنكيران سنة 2015، بدعوى أن السوق يضبط نفسه بنفسه، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فلا مجلس المنافسة استطاع فرض رقابة صارمة على الأسعار، ولا الحكومة تدخلت لإنصاف المواطنين، بل إن رئيس الحكومة نفسه، عزيز أخنوش، يملك عبر مجموعته واحدة من أكبر شركات توزيع المحروقات في المغرب، مما يثير شبهة تضارب المصالح بشكل صارخ، التي يتجاهلها القائمون على تطبيق القانون وحمايته.

ارتدادات على الاقتصاد والأسواق
الزيادة في أسعار المحروقات ليست مجرد رقم على مضخات الوقود، بل تنعكس مباشرة على أسعار النقل العمومي، وأسعار البضائع، والخدمات، في وقت تعاني فيه الأسر المغربية من موجة غلاء غير مسبوقة، وانهيار القدرة الشرائية.

ومع انعدام أي سياسة للدعم أو مراجعة ضريبية عادلة، يخشى كثيرون أن تؤدي هذه الموجة الجديدة إلى ارتفاع جديد في أسعار الخضر والفواكه، والنقل، واللوجستيك، والمقاولات الصغرى، ما سيعني عمليا عودة التضخم إلى الارتفاع أكثر من جديد.

آخر الأخبار