ملف التأشيرات يفجر الجدل في البرلمان.. وبوريطة: لن نقبل بسياسة الباب المفتوح من طرف واحد

الكاتب : انس شريد

03 يونيو 2025 - 08:30
الخط :

يتواصل ارتفاع معدلات رفض تأشيرات "شنغن" للمواطنين المغاربة، ما يُفاقم معاناة الآلاف ممن يجدون أنفسهم مضطرين لتحمل أعباء مالية مرهقة، دون أي ضمان للحصول على التأشيرة.

خلال جلسة مجلس المستشارين الأخيرة، برزت مطالب برلمانية قوية من عدد من المستشارين تسلط الضوء على ملف التأشيرات الذي يشغل بال كثير من المغاربة، حيث دعوا إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في سياسة التأشيرات بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي.

وأكد عدد من المستشارين أن المواطنين المغاربة يواجهون صعوبات متعددة في الحصول على تأشيرات السفر، في حين يتمتع مواطنو تلك الدول بسهولة الدخول إلى التراب المغربي، ما يطرح أسئلة حول العدالة والإنصاف في المعاملة القنصلية.

كما أبرزت هذه المطالب ضرورة تبسيط الإجراءات وتخفيف التعقيدات المالية والإدارية التي يواجهها المغاربة، فضلاً عن محاربة ظاهرة السماسرة الذين يستغلون حاجات المواطنين للسفر، وهو ما يضر بكرامة المواطن المغربي ويزيد من معاناته.

وسلطت النائبة البرلمانية لبنى علوي، ممثلة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، تم تسليط الضوء على أهمية المساواة والعدالة في المعاملة القنصلية.

وأكدت علوي على أن مبدأ المعاملة بالمثل يجب أن يكون قاعدة أساسية في العلاقات الدولية، ولفتت إلى أن الكثير من الدول تحقق أرباحًا مالية من رسوم التأشيرات سواء قُبل الطلب أم رُفض، في حين يتخلى المغرب عن مداخيل مهمة بتسهيله للسفر من دون فرض متطلبات صارمة على الأجانب، رغم التكاليف والمشقات التي يتحملها مواطنوه.

وأضافت أن فرض التأشيرة لا ينبغي أن يُفهم على أنه تضييق على السياحة أو التجارة، بل هو إجراء ضروري لتنظيم الدخول وحماية مصالح الدولة، مع ضرورة تبسيط الإجراءات وجعلها أكثر شفافية وسهولة للمسافرين المخلصين.

في معرض رده على هذه المطالب، قدم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء، معطيات تفصيلية تعكس واقع العلاقة القائمة بين المغرب والدول الأوروبية في ملف التأشيرات.

وكشف بوريطة أن دول الاتحاد الأوروبي منحت خلال سنة 2024 نحو 610 آلاف تأشيرة للمواطنين المغاربة، فيما بلغت نسبة الرفض حوالي 20 في المئة، أي ما يعادل رفض 20 طلبًا من أصل كل 100 طلب.

هذه الأرقام تعكس حجم الطلب المرتفع على التأشيرات من قبل المغاربة، لكنها أيضاً تبرز تحديات ملموسة تواجهها المملكة في مساعيها لضمان معاملة منصفة لمواطنيها.

وأوضح الوزير أن فرنسا تحتل المركز الأول من حيث عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، حيث بلغ عدد التأشيرات التي منحتها 283 ألف تأشيرة، بزيادة نسبتها 17 في المئة مقارنة بالعام السابق، ما يعكس وجود علاقات ثنائية متينة وتحرك مستمر لتسهيل التنقل بين البلدين.

لكن في الوقت نفسه شدد بوريطة على أن منح التأشيرة يظل قرارًا سياديًا للدول، يتخذ بناءً على معايير سياسية، اقتصادية، واجتماعية وتاريخية خاصة بكل دولة، مضيفًا أن المغرب بطبيعته لا يتبنى مواقف متطرفة أو ردود أفعال سلبية في هذا المجال، بل يسعى للموازنة بين مصالحه الوطنية وضرورات الانفتاح.

في إطار السياسة المغربية تجاه التأشيرات، أكد الوزير أن المملكة تعتمد ثلاثة مبادئ أساسية: أولها احترام مبدأ المعاملة بالمثل، الذي يقضي بمعاملة الدول الأخرى بنفس الطريقة التي تعامل بها مواطنيها المغاربة، وثانيها مراعاة الاعتبارات الاقتصادية والسياسية التي تخدم مصلحة المغرب، وثالثها الحفاظ على درجة من المرونة تسمح بالتشديد أو التسهيل حسب الظروف المتغيرة.

هذه السياسة المتوازنة، حسب بوريطة، تعكس رغبة المغرب في الحفاظ على علاقات دبلوماسية مستقرة مع شركائه، دون التخلي عن حقوقه السيادية وأولوياته الوطنية.

ورغم هذا الإطار المنظم، أشار بوريطة إلى وجود ممارسات غير قانونية تمس بمصداقية وسير إجراءات طلب التأشيرة، خاصة ما يتعلق بانتشار السماسرة الذين يستغلون المواطنين الباحثين عن الحصول على المواعيد أو تسريع الإجراءات.

واعتبر المتحدث ذاته أن هذه الممارسات لا تليق بكرامة المواطن المغربي، وأن وزارة الخارجية تتعامل معها بحزم من خلال عقد اجتماعات دورية ولجان قنصلية مشتركة مع الدول المعنية، لضمان احترام حقوق المغاربة وعدم تعرضهم لأي استغلال أو سوء معاملة.

على صعيد التطوير التقني والإداري، أوضح الوزير أن المغرب بدأ في اعتماد نظام التأشيرة الإلكترونية (e-Visa)، وهو ما ساهم في تبسيط بعض الإجراءات، رغم التحديات التقنية والتكاليف التي رافقت هذا الانتقال.

مؤكدا أن هذا النظام الجديد يُعد خطوة مهمة نحو تحديث الإدارة القنصلية، ما قد يسهم في تحسين تجربة المواطن المغربي وتقليل فرص السمسرة والفساد.

كما لفت بوريطة إلى تحسن تدريجي في ترتيب جواز السفر المغربي دوليًا، حيث صنف ضمن أكثر من 70 دولة تتيح لحاملي جوازها الدخول دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة.

ويعكس هذا التقدم نجاح الدبلوماسية المغربية وجهودها المستمرة لتعزيز حرية التنقل لمواطنيها، ما يساهم في رفع مكانة المغرب في الساحة الدولية ويعزز من فرص التنمية الاقتصادية والسياحية.

آخر الأخبار