مطالب برلمانية بتعزيز الأمن السيبراني.. والسغروشني: يمكن اختراق معطيات المواطنين في دقائق

الكاتب : انس شريد

03 يونيو 2025 - 10:00
الخط :
شهد المغرب مؤخرًا هجومًا سيبرانيًا واسعًا استهدف عددًا من المؤسسات الوطنية الحساسة، في مقدمتها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما تسبب في تسريب معطيات وبيانات تخص مقاولات وأجراء، الأمر الذي دق ناقوس الخطر حول التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة في الفضاء الرقمي، وفتح الباب على مصراعيه لمطالب سياسية ومؤسساتية بضرورة تحصين السيادة الرقمية في وجه التهديدات الإلكترونية المتزايدة.
الهجوم، الذي خلف أثرًا صادمًا في أوساط الرأي العام، لم يمر دون تفاعل رسمي، حيث استنفر الفاعلين داخل قبة البرلمان، ودفع نحو مناقشات حادة داخل لجنة مراقبة المالية العامة، التي استدعت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، للإجابة عن تساؤلات النواب حول هذا الاختراق الخطير.
وشددت الوزيرة اليوم الثلاثاء، في مداخلتها على أن وزارتها لا تتحمل مسؤولية الأمن السيبراني بشكل مباشر، موضحة أن لجنة يرأسها رئيس الحكومة تُعنى بتدبير مثل هذه الأزمات، وتتابع عن كثب تطورات الهجمات التي طالت مؤسسات مغربية.
وفي توضيح لخطورة الوضع الرقمي، لفتت الوزيرة إلى أن اختراق المعطيات الشخصية بات سهلًا في زمن المنصات الرقمية، مؤكدة أنه يمكن لأي جهة مشبوهة أن تجمع المعلومات الأساسية لأي مواطن في غضون ثلاث دقائق فقط من خلال حسابه على "فيسبوك"، وهو ما قد يسهل التسلل إلى حساباته البنكية أو الوثائقية الحساسة.
وشددت على أن الذكاء الاصطناعي، رغم ضرورته في تطوير الخدمات، يُعد أيضًا أداة قابلة للاختراق إذا لم تُحط بضوابط قانونية وتقنية واضحة، مشيرة إلى أن "الصوت ليس كلمة سر"، في تحذير مبطن من مخاطر الأنظمة المعتمدة على البصمة الصوتية دون حماية كافية.
وأكدت المسؤولة الحكومية أن الوزارة أطلقت خمس مبادرات أساسية خلال الأشهر الأخيرة بهدف تعزيز الأمن الرقمي وتعزيز حضور المغرب في منظومة الذكاء الاصطناعي.
من بين هذه المبادرات إحداث مديرية متخصصة بالذكاء الاصطناعي تعنى بصياغة السياسات العمومية الخاصة بالبيانات الوطنية، وكذا توقيع إعلان نوايا لإحداث قطب إقليمي عربي إفريقي حول الذكاء الاصطناعي، على أن يتم الإعلان الرسمي عنه في شتنبر 2025، في خطوة تهدف إلى ترسيخ مكانة المغرب كفاعل رقمي ريادي في القارة الإفريقية.
كما شددت الوزيرة على أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من البنية الرقمية للدولة، وأن العديد من الخدمات الإدارية الحالية أصبحت تعتمد عليه بشكل مباشر، بما في ذلك مشروع “شات بوت” تفاعلي صوتي مدمج ضمن بوابة "إدارتي"، الموجه أساسًا لمساعدة المواطنين في التواصل مع الإدارة، خاصة أولئك الذين يواجهون صعوبات في القراءة أو استخدام التطبيقات الرقمية.
ورغم هذه الطموحات التقنية، دعت السغروشني إلى ضرورة الحذر من توظيف الذكاء الاصطناعي دون ضوابط، محذرة من تكرار سيناريوهات الاحتيال التي راح ضحيتها مواطنون خُدِعوا عبر مكالمات تنتحل صفة مؤسسات رسمية، كلفتهم خسائر بملايين الدراهم.
وخلال اللقاء البرلماني، تطرقت الوزيرة إلى مسألة الفجوة الرقمية بوصفها عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق انتقال رقمي شامل، موضحة أن هذه الفجوة لا تتعلق فقط بعدم توفر الإنترنت، بل تشمل كذلك الأمية الرقمية والتقليدية، لا سيما في المناطق القروية التي تصل فيها نسبة الأمية إلى 47%.
مؤكدة أن وزارتها تشتغل على إدماج دروس محو الأمية ومحو الأمية الرقمية ضمن جهود الرقمنة.
ولم تُخف السغروشني وجود تفاوت في التجهيزات الرقمية بين المواطنين، لافتة إلى أن إطلاق الجيل الخامس من الإنترنت لا يعني شيئًا إذا كان جزء كبير من المواطنين لا يزال يستخدم هواتف بدائية لا تدعم سوى تقنية الجيل الثاني.
مشيرة إلى أن الحل لا يمكن أن يكون عبر توزيع الهواتف على المواطنين، بل يتطلب تفكيرًا عميقًا في ضمان شمولية الخدمات الرقمية لكل الفئات.
وفي ختام مداخلتها، دعت الوزيرة إلى جعل النقاشات حول الرقمنة واقعية وبنّاءة، مؤكدة أن الحكومة تسعى إلى رقمنة شاملة ومتدرجة، تُراعي التفاوتات المجالية والاجتماعية، وتضع نصب أعينها حماية خصوصية المواطنين، وتعزيز ثقة المستخدم في الفضاء الرقمي الوطني.

آخر الأخبار