شبكات الذبيحة السرية في قبضة السلطات.. إحباط تهريب أطنان من اللحوم الفاسدة بجهة البيضاء-سطات

تشهد جهة الدار البيضاء-سطات في الآونة الأخيرة استنفارًا غير مسبوق من قبل السلطات المحلية والأجهزة الأمنية والمصالح البيطرية، في إطار حملات واسعة النطاق تستهدف التصدي لظاهرة اللحوم الفاسدة والذبيحة السرية، التي تشكل خطرًا داهمًا على صحة المواطنين وسلامة السلسلة الغذائية، لاسيما مع اقتراب عيد الأضحى، وما يرافقه من ارتفاع الطلب على اللحوم الحمراء وازدياد نشاط شبكات التهريب والتوزيع العشوائي.
وتأتي هذه التعبئة الميدانية في ظرفية استثنائية تتسم بقرار ملكي يقضي بتعليق شعيرة الذبح لهذه السنة، في خطوة تعبّر عن حس عالٍ من المسؤولية والتضامن الوطني، نظرًا لتداعيات الجفاف وتراجع أعداد القطيع الوطني، وهو ما يفرض مضاعفة اليقظة لضمان احترام هذا التوجيه السامي وتفادي أي تلاعب قد يضر بالمصلحة العامة.
في إطار المجهودات المتواصلة لتعزيز السلامة الصحية وحماية المستهلكين، شهد إقليم مديونة مساء أمس الأربعاء واحدة من أبرز العمليات التي كشفت عن مستوى عالٍ من التنسيق بين مختلف المصالح المعنية.
العملية، التي أشرف عليها قائد الملحقة الإدارية الأولى الزرقطوني بتعاون وثيق مع مصالح الأمن الوطني وممثلي المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، إلى جانب عناصر القوات المساعدة وأعوان السلطة، أسفرت عن توقيف شاحنة محمّلة بكميات كبيرة من اللحوم الحمراء غير الخاضعة للمراقبة الصحية، ما يعكس جدية السلطات في التصدي لكل أشكال التلاعب بصحة المواطنين.
وأسفرت هذه العملية الدقيقة عن حجز أزيد من 3 أطنان من اللحوم الموجهة للتوزيع دون التوفر على الشروط القانونية، أو شهادة السلامة الصحية، مما شكل تهديدًا مباشرًا لصحة المستهلكين، ودليلاً واضحًا على استمرار محاولات ترويج لحوم مجهولة المصدر في ظروف غير آمنة.
ووفقا للتفاصيل التي توصلت بها "الجريدة 24"، فقد تم حجز أكثر من 30 سقيطة لأكباش وأربع عجول مذبوحة داخل الشاحنة، التي كانت قادمة من إحدى المجازر بجماعة برشيد.
وفتحت اللجنة المختصة تحقيقا لتحديد ظروف الذبح والنقل والتخزين، انتهت بإتلاف الكمية المحجوزة عبر الحرق والطمر، تحت إشراف لجنة مختلطة، مع تحرير محضر قانوني في الموضوع.
وفي نفس الإطار، برزت مدينة الدروة التابعة لإقليم برشيد، مؤخرا كمسرح لعملية نوعية أخرى، نفذتها عناصر المركز الترابي للدرك الملكي، بإشراف مباشر من قائد سرية برشيد.
وقد تم، خلال نقطة تفتيش روتينية عند مدخل المدينة، توقيف شاحنتين مشبوهتين محملتين بكميات ضخمة من اللحوم الفاسدة، التي تبين بعد فحصها من قبل المصالح البيطرية المختصة أنها تفتقر تمامًا للشروط الصحية المعمول بها، وأن مصدرها مجهول ولا يملك أصحابها أي وثائق رسمية تبرر طبيعة أو وجهة الشحنة.
وتم على إثر ذلك تنفيذ إجراءات فورية لحجز الكمية المنقولة ونقلها إلى نقطة إتلاف خاصة تحت إشراف لجنة متعددة الاختصاصات.
نجاح هذه العمليات الميدانية أعاد إلى الواجهة القلق المشروع من توسع شبكات تهريب اللحوم الفاسدة، التي تستغل فترات الضغط على الأسواق لتمرير منتجات غير آمنة، مستغلة في ذلك غياب الرقابة في بعض النقط وتواطؤ بعض المتدخلين في سلاسل التوزيع.
ومع اقتراب موعد عيد الأضحى، رغم قرار تعليقه، يزداد الخوف من بروز موجة جديدة من هذه المخالفات، خصوصًا في ظل استغلال البعض للطلب المرتفع على اللحوم الحمراء في هذه المناسبة، ما يفرض على السلطات الاستمرار في نهج الصرامة الميدانية وتكثيف التنسيق بين كل المتدخلين لضمان حماية صحة المواطنين وتحصين الأسواق من التلاعبات.
وفي الوقت الذي تلقى فيه هذه الحملات استحسانًا واسعًا من طرف الساكنة المحلية والمجتمع المدني، تتعالى الأصوات المطالبة بمأسسة هذه التحركات وجعلها دائمة، بدل الاقتصار عليها في المناسبات فقط، باعتبار أن حماية المستهلك من اللحوم الفاسدة تندرج ضمن أولويات الأمن الغذائي الوطني، وتستوجب ربط المسؤولية بالمحاسبة، مع فرض الالتزام الصارم بالقوانين المنظمة للذبح والنقل والتوزيع، في احترام تام للمعايير الصحية والبيئية.