صحيفة إسبانية: موقف لندن يرسخ مغربية الصحراء ويفضح عزلة الجزائر

في تطور دبلوماسي لافت يعزز الحضور الدولي للمملكة المغربية، تمكن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، من تحقيق نجاحات متتالية بشأن ملف الصحراء المغربية، ما يعكس تنامي الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط كحل نهائي وواقعي لهذا النزاع الإقليمي.
هذا التوجه الداعم لمغربية الصحراء ليس وليد اللحظة، بل يمثل تتويجا لجهود دبلوماسية حثيثة ومستمرة قادها الملك محمد السادس منذ سنوات، بهدف ترسيخ السيادة الوطنية للمغرب وصون وحدته الترابية.
وشهدت الساحة الدولية خلال العام الجاري، خاصة منذ مطلع 2025، تحولات مهمة تصب في صالح الموقف المغربي، حيث سحبت العديد من الدول اعترافها بما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، في وقت توسعت فيه رقعة الدول التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي.
وتمثل التطور الأبرز والأكثر رمزية في إعلان كل من فرنسا وبريطانيا عن دعمهما الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي، في خطوة شكلت منعطفا جديدا في مسار هذا النزاع الذي عمر طويلا.
وفي تقرير خاص أعدته صحيفة "إلكونفيدينسيال" الإسبانية، أكدت أن إعلان المملكة المتحدة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي مثل مفاجأة صادمة للجزائر، التي كانت تراهن على استغلال عضويتها الحالية في مجلس الأمن كعضو غير دائم لتعطيل الزخم المتنامي الذي يقوده المغرب.
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي اطلعت عليه "الصحيفة" كاملا، أن هذا التحول البريطاني لم يكن وليد صدفة، بل جاء نتيجة لمسار طويل من الضغوط الاستراتيجية التي مارستها الدبلوماسية المغربية، حيث عمل المغرب على بناء تحالفات اقتصادية وأمنية مع لندن، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأشارت "إلكونفيدينسيال" إلى أن أول اتفاقية تجارية أبرمتها بريطانيا بعد "البريكسيت" كانت مع المغرب، ما عزز مكانة الرباط كمورد رئيسي للمنتجات الفلاحية إلى السوق البريطانية، متفوقة بذلك على إسبانيا، وأصبح المغرب شريكا موثوقا ليس فقط في التجارة، بل أيضا في قضايا الأمن والدفاع في منطقة تعرف تقلبات جيوسياسية مستمرة.
واعتبرت الصحيفة الإسبانية أن هذا الاتفاق ساهم في تعزيز صورة المغرب في دوائر صنع القرار البريطاني، لتصبح لندن أحدث عضو في قائمة الدول الكبرى التي عبرت عن دعمها العلني للمبادرة المغربية، إلى جانب الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وهولندا.
ولم تغفل الصحيفة الإشارة إلى الموقف الأخير لكينيا، التي كانت تعد من أبرز داعمي جبهة البوليساريو، قبل أن تتحول إلى داعم صريح لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، معتبرة هذا التحول جزءا من تزايد القناعة الدولية بأن المقترح المغربي يمثل الحل الأكثر جدية وواقعية.
ولفتت "إلكونفيدينسيال" إلى أن هذا التوجه البريطاني ينسجم مع عقيدة "الواقعية التقدمية" التي تتبناها الحكومة البريطانية، والتي تسعى إلى تحقيق توازن بين المبادئ والمصالح الاقتصادية والسياسية.
كما تطرقت الصحيفة الإسبانية إلى الصدمة التي أحدثها الموقف البريطاني لدى الجزائر، والتي كانت تأمل أن يمنحها وجودها في مجلس الأمن فرصة لتوجيه دفة النقاش الأممي نحو أطروحتها.
وأكدت الصحيفة أن أوروبا، اليوم، تنظر إلى المغرب كشريك موثوق ومفضل، رغم بعض الصعوبات، فيما تتعامل بتحفظ مع الجزائر، التي توصف بأنها حليف لروسيا وتعاني من هشاشة في علاقاتها الدولية.
كما أكد التقرير، أن الدبلوماسية الاقتصادية المغربية نجحت في استثمار الفرص التي أتاحها "البريكسيت"، حيث تمكن المغرب من الارتقاء إلى المرتبة 52 ضمن شركاء بريطانيا التجاريين في 2024، وتقدم إلى المرتبة 44 في صادرات البضائع خلال الربع الأول من 2025.
هذه الأرقام تعكس بوضوح مدى نجاعة الدبلوماسية الاقتصادية التي ينهجها المغرب، والتي عززت من موقعه كشريك مفضل في الغرب.