مندوبية التخطيط: الفلاحة تتراجع والأسعار ترتفع

رغم الحديث عن "تحسن طفيف" في نمو الاقتصاد الوطني، إلا أن الواقع يكشف عن تراجع مقلق في الفلاحة، وارتفاع مهول في الأسعار، ومشكلة متزايدة في تمويل الاقتصاد، وفق ما كشفت عنه المندوبية السامية للتخطيط.
الفلاحة تسجل أسوأ أداء
القطاع الفلاحي، الذي يشغل نسبة كبيرة من المغاربة، عاش سنة صعبة بكل المقاييس. وبعد أمل نسبي في 2023، عاد ليسجل تراجعا حادا بـ4,8%، ما أثر بشكل مباشر على مداخيل الأسر القروية وأسعار المواد الغذائية.
حتى الصيد البحري، الذي كان يشكل بديلا لبعض المناطق الساحلية، عرف تباطؤا واضحا، وانتقل من نمو بـ6,9% إلى 2,6% فقط.
الأسعار في ارتفاع..
المندوبية السامية للتخطيط أشارت إلى أن هذا النمو الاقتصادي جاء في سياق عام اتسم بتضخم قوي يمس القدرة الشرائية، وتفاقم الحاجة إلى تمويل الاقتصاد، ما يعني أن الدولة والقطاع الخاص يعانون من قلة الموارد المالية للاستثمار أو تحريك الدورة الاقتصادية.
الصناعة والبناء أنقذا الوضع
وفي المقابل، ساهمت بعض القطاعات غير الفلاحية في تقوية الاقتصاد نسبيًا. وحققت الصناعات الاستخراجية قفزة بنسبة 13% بعد سنة من التراجع. أما البناء والأشغال العمومية تحرك أخيرا وحقق نموا بـ5%.
وحتى قطاع الكهرباء والماء تحسن بنسبة 2,6% بعد عام كارثي (-10,6%).
تفاوت الخدمات
القطاع الثالث (الخدمات) عرف هو الآخر أداء متباينا، إذ تراجعت فيه الفنادق والمطاعم بشكل كبير، من 23,5% إلى 9,6% فقط. أما الإعلام والاتصال فتراجع من 5,2% إلى 3%.
أما خدمات البحث والتطوير المقدمة للمقاولات فتراجعت هي الأخرى من 6,8% إلى 4,2%، بينما تحسنت خدمات الصحة والتعليم بـ6,6%، والقطاع المالي والتأمين بـ7,3%، والتجارة والنقل بنسب معتدلة.
رقم النمو لا يعكس المعاناة
ورغم أن الناتج الداخلي الإجمالي ارتفع بنسبة 3,8%، إلا أن هذا الرقم يبقى بعيدا عن الواقع المعيشي لملايين المغاربة، الذين يواجهون غلاء الأسعار، وضعف فرص الشغل، وتراجع النشاط الفلاحي الذي يظل العمود الفقري للطبقة الفقيرة والمتوسطة.
الخلاصة، أن سنة 2024 منحت الاقتصاد المغربي نسبة نمو مشجعة على الورق، لكنها جاءت في ظل تحديات عميقة، ومن دون سياسة اقتصادية تركز على إنعاش الفلاحة، وضبط الأسعار، وتوفير التمويل للمشاريع، فإن هذا التحسن قد لا ينعكس أبدا على حياة الناس.