المبادلات الخارجية تزيد من عبء تمويل الاقتصاد الوطني

في الوقت الذي تتلمس الحكومة الطريق من أجل أن يستعيد الاقتصاد التوازن بعد سنوات من الضغوط المتتالية، كشفت مؤشرات جديدة عن تأثير سلبي متزايد للمبادلات الخارجية للسلع والخدمات على وتيرة النمو الاقتصادي برسم سنة 2024.
ووفقا لأحدث البيانات الرسمية، ارتفعت الواردات بنسبة 11,6% مقابل 9,5% السنة الماضية، وهو ما انعكس بمساهمة سلبية في النمو بلغت 5,9 نقطة، متجاوزة بذلك المساهمة السلبية المسجلة سنة 2023 (5,3 نقطة).
ورغم تسجيل الصادرات بدورها لارتفاع نسبته 8%، مقابل 7,9% السنة الماضية، إلا أن مساهمتها في النمو لم تتعد 3,4 نقطة، متراجعة بشكل طفيف بـ0,1 نقطة.
هذا التفاوت بين وتيرة نمو الصادرات والواردات أدى إلى تفاقم المساهمة السلبية للمبادلات الخارجية في النمو الاقتصادي، إذ بلغت -2,5 نقطة سنة 2024، مقارنة بـ -1,8 نقطة خلال 2023، مما يعكس تدهور الميزان التجاري وتزايد الضغط الخارجي على الاقتصاد الوطني.
تراجع الادخار
وسجل الناتج الداخلي الإجمالي بالقيمة نموا نسبته 7,9%، متراجعا عن نسبة 11% المسجلة خلال السنة الماضية.
ورغم هذا التباطؤ، ارتفع صافي الدخول المتأتية من بقية العالم بنسبة 4,9%، مقابل 1,2% في 2023، ما أدى إلى نمو إجمالي الدخل الوطني المتاح بنسبة 7,7%.
لكن هذا التحسن لم يكن كافيا لسد الفجوة التمويلية، إذ إن الاستهلاك النهائي الوطني واصل نموه بنسبة 6,3%، مقابل 8,6% في السنة السابقة.
ونتيجة لذلك، استقر الادخار الوطني في حدود 28,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، مقارنة بـ28% سنة 2023.
وفي المقابل، ارتفعت وتيرة الاستثمار، حيث مثل إجمالي تكوين الرأسمال الثابت والتغير في المخزون وصافي اقتناء النفائس 30,1% من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 29% في السنة الماضية، مما أدى إلى تفاقم الحاجة إلى تمويل الاقتصاد الوطني، حيث ارتفعت من 1% إلى 1,2% من الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنة واحدة.
ضغط متزايد
وتكشف هذه المؤشرات عن ضغوط متزايدة على التوازنات الماكرو-اقتصادية، بفعل تفوق نمو الواردات على الصادرات، وتزايد الفجوة بين الادخار والاستثمار، ما يفرض على الحكومة والبنك المركزي التحرك بحزم لترشيد الواردات، وتحفيز القطاعات التصديرية، ورفع وتيرة الادخار الوطني.
وفي ظل التقلبات العالمية المتسارعة وتزايد الاعتماد على التمويل الخارجي، قد تواجه المالية العمومية والمقاولات الوطنية تحديات أكبر في حال استمرار هذا المنحى خلال السنوات المقبلة.