"الملحقات الإدارية خارج زمن الرقمنة".. معاناة يومية في قلب الرباط

في الوقت الذي تتسابق فيه الإدارات المغربية نحو الرقمنة وتبسيط المساطر، لا تزال بعض الملحقات الإدارية في قلب العاصمة الرباط "تعيش خارج الزمن"، كما وصفها نائب برلماني، في مراسلة كتابية وجهها لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت.
البرلماني الذي وجه الرسالة باسم فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، نبه إلى أن عددا من الملحقات، ومنها تلك التابعة لمقاطعة أكدال بالعاصمة، لا تزال تطالب المرتفقين بإجراءات تقليدية تجاوزه القانون، من قبيل تصحيح الإمضاءات والإدلاء بنسخ مطابقة للأصل، رغم أن القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر، الصادر سنة 2020، نص صراحة على إلغائها.
انتظار مرير وازدحام يومي
المشهد، كما ينقله النائب، يبدو بعيدا عن الخطاب الرسمي حول "الإدارة الرقمية"، حيث تقف طوابير طويلة من المواطنات والمواطنين لساعات تحت أشعة الشمس أو في زوايا الانتظار الضيقة، من أجل المصادقة على وثيقة، غالباً ما تكون مستعجلة لطلبة، مرضى، أو أشخاص على عتبة السفر.
"قلة الموظفين"، و"بطء وتيرة العمل"، و"غياب التكوين الرقمي" تحول هذه المرافق إلى نقاط اختناق إداري، يقول البرلماني، مشيرا إلى أن معاناة المرتفقين لا تقتصر على المناطق النائية أو القرى البعيدة، بل تشمل حتى كبريات المدن، بما في ذلك الرباط التي يفترض أنها في طليعة المدن الذكية.
تشريع مع وقف التنفيذ؟
القانون 55.19، الذي وصفته الحكومة عند صدوره بأنه "ثورة إدارية"، ينص في مادته السابعة بوضوح على عدم مطالبة المواطنين بتصحيح الإمضاء أو تقديم نسخ مطابقة للأصل، باعتبار أن الإدارات مطالبة بتبادل المعلومات فيما بينها. لكن، ما يزال عدد من الموظفين يتشبثون بالإجراءات القديمة، إما جهلا بالنصوص أو تحسبا من الوقوع في الخطأ القانوني.
ويطرح هذا التناقض بين النص والممارسة سؤالا أكبر حول مآل السياسات العمومية في المجال الإداري، ومدى قدرة الدولة على تنزيلها فعليا على مستوى القاعدة، حيث يلتقي المواطن مع الدولة وجها لوجه.
دعوة للتدخل العاجل
فريق التقدم والاشتراكية طالب وزارة الداخلية بالتدخل العاجل، ووضع حد لما وصفه بـ"المعاناة اليومية" التي تمس بكرامة المواطن، وتقوض الثقة في الإدارة، خصوصا مع توفر البنية القانونية والدستورية الكفيلة بتجاوز هذه الإشكالات.
ويبدو أن المسألة لم تعد تقنية فحسب، بل تحمل أبعادا سياسية واجتماعية، باعتبار أن تعطل الخدمات الإدارية ينعكس مباشرة على حياة الناس اليومية، ويضعف مصداقية الدولة في عيونهم، رغم ما تحقق على الورق من إصلاحات.
بين الواقع والرقمنة..
وفي ظل توجه المغرب نحو تعميم الرقمنة، وتحديث الإدارة العمومية، يبقى تحدي التطبيق المحلي أحد أعقد الحلقات، ذلك أن أي خلل في الملحقة الإدارية، هو فشل في المشروع بأكمله، لا سيما حين يتعلق الأمر بمرافق تستقبل آلاف المرتفقين يوميا.