غياب الذبح في العيد يخفف الضغط على عمال النظافة ويحد من التلوث

الكاتب : انس شريد

08 يونيو 2025 - 06:30
الخط :

رغم الأجواء التي بدت غير معتادة في عيد الأضحى لهذا العام، بسبب قرار إلغاء شعيرة نحر الأضاحي، إلا أن الشوارع المغربية شهدت تحولًا لافتًا في المشهد العام، خصوصًا في ما يتعلق بالنظافة والبيئة.

ففي الوقت الذي غابت فيه الطقوس التقليدية والاحتفالات المرتبطة بالعيد، برزت فوائد ملموسة، أعادت الاعتبار لقيمة الصحة العامة والبيئة النظيفة، وسلطت الضوء على الأثر الخفي لهذه المناسبة على المدن المغربية.

لطالما كان اليومان التاليان لعيد الأضحى يشكلان كابوسًا بيئيًا حقيقيًا في العديد من المدن، حيث تغرق الشوارع في فوضى بصرية وروائح كريهة ناجمة عن بقايا الأضاحي.

تنتشر الجلود والأحشاء في الأزقة والأحياء، وتتحول الساحات العامة إلى ما يشبه مكبات عشوائية للنفايات العضوية، الأمر الذي لا يشوه فقط المشهد الحضري، بل يهدد الصحة العامة بشكل مباشر.

هذا العام، كانت الصورة مختلفة تمامًا. فبمجرد غياب عمليات الذبح، اختفى معها أحد أبرز مصادر التلوث الفوري والموسمي.

لم تعد شوارع الدار البيضاء، كما في مدن أخرى، تعاني من مشهد تكدس الجلود أو تقاطر مياه النفايات الحيوانية.

ولم تمر هذه التحولات دون أن يشعر بها عمال النظافة، الذين يُعدّون من أبرز الفئات التي تتحمل العبء الأكبر خلال عيد الأضحى كل سنة.

ففي المعتاد، يشكل العيد تحديًا هائلًا لهؤلاء العاملين، حيث يتوجب عليهم رفع كميات ضخمة من المخلفات العضوية، والتعامل مع نفايات يصعب معالجتها بالوسائل العادية.

وغالبًا ما تتم هذه المهام في ظروف صعبة، وضمن ساعات عمل مرهقة ومتواصلة.

لكن خلال هذا العام، تبدد هذا الضغط بشكل كبير، فغابت الطوارئ اليومية، وتمكن العمال من أداء مهامهم المعتادة بوتيرة أكثر انتظامًا وأمانًا.

وقد عاينت "الجريدة 24" هذا التحول في أرض الواقع، إذ لوحظ أن مقاطعات مدينة الدار البيضاء، التي عادةً ما تُثقل بكميات من النفايات خلال فترة العيد، حافظت على مستوى عالٍ من النظافة.

ويرجع ذلك أيضًا إلى الاستعدادات المسبقة والتعبئة الكبيرة التي قامت بها جماعة المدينة، التي أطلقت حملة شاملة تحت شعار "كازا نقية".

هذه المبادرة لم تقتصر على رفع النفايات، بل شملت أيضًا عمليات تنظيف شاملة للأرصفة والشوارع، باستخدام معدات حديثة ومياه معاد تدويرها، في خطوة عكست وعيًا بيئيًا متقدمًا وأثارت استحسان السكان.

وقد وفّر هذا الواقع بيئة أكثر صحة للسكان، خصوصًا الأطفال وكبار السن، الذين عادةً ما يكونون الأكثر عرضة للمضاعفات الناتجة عن هذه الظروف.

في النهاية، شكل هذا العيد تجربة مختلفة، لم تخلُ من الجوانب السلبية المرتبطة بغياب أحد أهم رموز الشعيرة الدينية، لكنها، بالمقابل، فتحت المجال أمام نقاش مجتمعي وبيئي عميق حول تأثير هذه الممارسات على المحيط الحضري.

آخر الأخبار