ذبح إناث الأغنام في المناسبات يثير جدلا تحت قبة البرلمان والبواري يتعهد بإجراءات صارمة

الكاتب : انس شريد

10 يونيو 2025 - 06:30
الخط :

في مشهد برلماني اتّسم بالحدة والاتهامات الصريحة، وجه المستشار البرلماني سعيد البرنيشي عن حزب الأصالة والمعاصرة خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، التي انعقدت اليوم الثلاثاء، انتقادات مباشرة لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بشأن ما وصفه بـ"تحدٍ سافر" للقرارات الحكومية المتعلقة بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز.

البرنيشي لم يتردد في الكشف عن أن الذبيحة السرية ما تزال تمارس على نطاق واسع في عدد من المناطق، رغم الإجراءات التي باشرتها وزارة الداخلية للحد من هذه الممارسات، معتبرا أن استمرارها يهدد مستقبل القطيع الوطني ويطرح إشكالات جدية تتعلق بجودة اللحوم وسلامة المواطنين.

ولم يتردد المستشار البرلماني في مخاطبة الوزير قائلاً:
"نذهب إلى بعض المناسبات فنجد أن الأضاحي المقدّمة هي إناث الأغنام، وهذا يأتي من الذبيحة السرية، وهو ما يُلحق ضرراً كبيراً بالقطيع الوطني، كما أنه يطرح إشكالاً على مستوى جودة اللحوم".

هذه التصريحات أربكت وزير الفلاحة، الذي أقر بالواقع المر، مؤكدًا أن المعطيات الميدانية المستخلصة من أواخر السنة الماضية تكشف عن تصاعد ظاهرة ذبح إناث الأغنام، خاصة لتلبية الحاجيات المتزايدة للأسواق من اللحوم الحمراء، مقابل احتفاظ المربين بالأغنام المعدة للذبح خلال عيد الأضحى.

وهو ما وصفه الوزير بتهديد حقيقي لاستدامة القطيع الوطني، رغم المجهودات الحكومية المبذولة.

وحاول الوزير البواري من جهته تبرير الوضع القائم بتداعيات سنوات الجفاف المتتالية، التي أضعفت الثروة الحيوانية في البلاد بشكل كبير، وتسببت في تراجع المعروض من اللحوم الحمراء في الأسواق الوطنية.

وأكد في المقابل أن الحكومة تعكف على تنفيذ سلسلة من الإجراءات الهيكلية، من أبرزها برنامج إعادة تشكيل القطيع الوطني الذي ستمتد كلفته المالية إلى غاية نهاية سنة 2026، بإجمالي استثمارات تناهز 6.2 مليارات درهم.

هذا البرنامج الذي يحظى برعاية ملكية مباشرة، يستهدف بالدرجة الأولى دعم المربين وتشجيعهم على الحفاظ على إناث الماشية، من خلال تخصيص دعم مباشر يصل إلى 400 درهم عن كل رأس أنثى لم يتم ذبحها وتم إخضاعها لعملية ترقيم إلكتروني مرتبطة بنظام معلوماتي يتيح تتبع مصير القطيع.

ومن المرتقب، حسب البواري أن يشمل هذا الترقيم أزيد من 8 ملايين رأس من إناث الأغنام والماعز، في خطوة تهدف إلى ضبط حركة الذبيحة وضمان مراقبة دقيقة لمصير هذه الحيوانات.

كما أشار الوزير إلى أن وزارته تعمل بتنسيق مع وزارتي الداخلية والمالية على إصدار دورية مشتركة توضح بشكل صريح أدوار كافة المتدخلين في البرنامج، في إطار مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار إكراهات الميدان وتعقيدات سلاسل التوزيع.

من جانب آخر، أكد الوزير أن التوجيه الملكي بعدم إقامة شعيرة الذبح لهذه السنة مثّل فرصة استراتيجية لإعادة توجيه جهود الفلاحة الوطنية نحو إعادة بناء القطيع وتثبيت أركانه، معتبرا أن المبادرة الملكية تحمل أبعادا دينية واقتصادية واجتماعية عميقة، وتأتي في سياق حماية الثروة الحيوانية وتأمين الأمن الغذائي للمواطنين على المدى البعيد.

وتراهن الحكومة، وفق تأكيدات الوزير، على خمس محاور رئيسية لإنجاح هذا المشروع الوطني الكبير، تشمل: إعادة التكوين الجيني للقطيع، تحسين ظروف التربية، ضبط الذبيحة، تشجيع الاستثمار في قطاع اللحوم، وضمان العدالة المجالية في توزيع الدعم.

كما شدد البواري على أن نجاح البرنامج يتطلب انخراطا فعليا من كافة الفاعلين، لا سيما الفلاحين ومربي الماشية، مشيرا إلى أن الدعم سيكون مشروطا بالالتزام الصارم بعدم ذبح الإناث المرقمة.

في ظل هذه التطورات، يبقى الرهان معقودا على قدرة الحكومة في فرض الصرامة على أرض الواقع، وضمان فعالية آليات التتبع والمراقبة، ووضع حد نهائي لمظاهر الفوضى التي تسمح باستمرار الذبيحة السرية، والتي يرى فيها كثيرون خطرا مباشرا على الأمن الغذائي للمغاربة، واستنزافا للثروة الحيوانية في ظرفية وطنية حساسة تتطلب تضافر الجهود بين الدولة والمهنيين.

آخر الأخبار