ضعف التشغيل يفاقم الأزمة الاجتماعية

بعد فترة من الركود خلال الفصل الأول من سنة 2025، بدأ قطاع الخدمات التجارية غير المالية في المغرب يبعث مؤشرات انتعاش نسبي خلال الفصل الثاني من السنة الجارية، بحسب معطيات حديثة أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط.

ووفقا لنتائج البحث الظرفي الذي أجرته المندوبية، فإن 55 في المائة من أرباب مقاولات القطاع يتوقعون ارتفاعا في النشاط الإجمالي، بينما عبر 13 في المائة فقط عن تخوفهم من استمرار التراجع.
هذه التوقعات الإيجابية تعزى أساسا إلى انتعاش مرتقب في أنشطة النقل الجوي، والنقل البري، والتخزين والخدمات اللوجستيكية، إضافة إلى قطاع الإيواء الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالحركية السياحية والطلب الموسمي.

مؤشرات الطلب
رغم السياق الاقتصادي غير المستقر، يراهن 31 في المائة من أرباب المقاولات على ارتفاع في الطلب على خدماتهم خلال الربع الثاني من 2025، في حين يتوقع 62 في المائة استقراره عند مستوياته السابقة.
أما على مستوى التشغيل، فيسود نوع من التفاؤل الحذر، حيث يتوقع 25 في المائة من المهنيين ارتفاعا في عدد المشتغلين، بينما ترجح الأغلبية (60 في المائة) استقراره.

صورة قاتمة
إذا كانت التوقعات تشير إلى تحسن مرتقب، فإن الفصل الأول من السنة حمل في طياته أداء باهتا للقطاع، حيث صرح 53 في المائة من المقاولين بتسجيل انخفاض في النشاط العام، مقابل 25 في المائة فقط سجلوا تحسنا.
وبرز هذا التراجع أساسا في أنشطة الاتصالات، النقل الجوي، والنقل البحري، وهي قطاعات حساسة لتقلبات الطلب الخارجي والداخلي، بينما حافظت أنشطة النقل البري والتخزين على دينامية نسبية.

قدرة دون المستوى
وفيما يخص قدرة الإنتاج المستعملة، كشفت بيانات المندوبية أن النسبة لم تتجاوز 73 في المائة، وهو ما يعكس هامشا غير مستغل من الإمكانيات المتاحة لدى مقاولات القطاع، إما بسبب تراجع الطلب أو توجس من الاستثمار في التوسعة.

آفاق وتحديات
ورغم الإشارات الإيجابية، تبقى بعض القطاعات مهددة بتراجع إضافي، خصوصا خدمات البريد والبث التلفزي والنقل البحري، وهو ما يتطلب سياسات دعم موجهة واستثمارات ذكية في البنية التحتية الرقمية واللوجستيكية.

وبين التفاؤل الحذر من جهة، والإرهاق الاقتصادي من جهة أخرى، يواصل قطاع الخدمات التجارية غير المالية سعيه لتجاوز مطبات الظرفية، في انتظار رؤية حكومية واضحة تعيد الثقة وتسرع وتيرة الانتعاش.