تحالف مغربي يفوز بصفقة بناء ملعب الحسن الثاني.. مستجدات تكشف تفاصيل المشروع العالمي

الكاتب : انس شريد

11 يونيو 2025 - 06:30
الخط :

في قلب رؤية طموحة تؤكد انخراط المغرب في دينامية الرياضة العالمية، يستعد إقليم بنسليمان لاحتضان أحد أكثر المشاريع الرياضية طموحاً في تاريخ المملكة، ملعب الحسن الثاني، الذي سيشكّل معلمة رياضية غير مسبوقة في القارة الإفريقية.

المشروع، الذي يُعد ركيزة أساسية في استعدادات المغرب لاحتضان نهائيات كأس العالم 2030 بشراكة ثلاثية مع إسبانيا والبرتغال، يُنتظر أن يتحول إلى أكبر ملعب في العالم بطاقة استيعابية تصل إلى 115 ألف متفرج، ما يضعه في مصاف أبرز الملاعب الكروية على المستوى الدولي من حيث الحجم والتجهيزات.

ويمنح الموقع الاستراتيجي للملعب، الذي يبعد حوالي 38 كيلومترا عن الدار البيضاء، و14 كيلومترا فقط عن المنصورية، ميزة لوجستية بالغة الأهمية، لاسيما في ظل توقعات بحضور جماهيري قياسي خلال التظاهرات الكبرى.

وقد اختيرت غابة المنصورة، التي تمتد على مساحة شاسعة تزيد عن 100 هكتار، لتكون الأرض التي سيُقام عليها هذا المشروع الطموح، بما يوفره الموقع من بيئة طبيعية ومساحة عمرانية قابلة للتطوير والاستثمار السياحي والاقتصادي.

ولن يكون الملعب الجديد مجرد منشأة رياضية كلاسيكية، بل مركباً متعدد الوظائف بمواصفات تقنية ومعمارية عالمية، يستجيب لأحدث معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم.

ويتضمن تصميمه، الذي يحاكي شكل الخيمة المغربية التقليدية، دلالات ثقافية عميقة تعكس روح الكرم والانتماء التراثي، مع استلهام من تقاليد "الموسم" المغربي، في تجسيد رمزي لاحتفاء اجتماعي ورياضي متكامل.

وسيتضمن المشروع تجهيزات متكاملة تشمل فنادق فاخرة، مراكز للمؤتمرات والمعارض، قاعات للندوات، فضاءات مخصصة للألعاب الرياضية الأخرى، وعلى رأسها مضمار لألعاب القوى، فضلاً عن محطتين للقطارات، إحداهما مخصصة للقطار فائق السرعة، وهو ما من شأنه تسهيل تدفق الجماهير والزوار من مختلف مناطق المغرب وخارجه.

كما يتضمن المشروع مواقف ضخمة للسيارات وشبكة طرقية حديثة تربط الملعب بمراكز حضرية رئيسية، في خطوة تهدف إلى جعل المركب الرياضي قطباً حضرياً مستداماً، يعزز من إشعاع المنطقة.

ووفقا لأحدث المستجدات، فقد فازت الشركة العامة للأشغال المغربية "SGTM"، بالتعاون مع شركة "TGCC"، بالصفقة الأكبر في تاريخ الإنشاءات الرياضية بالمغرب، لتنفيذ أشغال بناء هذا الملعب، في إطار تحالف استراتيجي من شأنه تسريع وتيرة الإنجاز، وضمان أعلى مستويات الجودة.

هذا التحالف كان المرشح الوحيد لنيل الصفقة، ما يعكس حجم التحدي التقني واللوجستي لهذا الورش الضخم. وستتكفل الشركتان بإنجاز كافة الأشغال الكبرى، من الهياكل المعدنية والتغطيات إلى العزل المائي، النجارة، والدهانات، مع اعتماد تقنيات بناء حديثة تضمن استدامة المنشأة ومرونتها.

وقدرت كلفة المشروع الإجمالية بحوالي 3,2 مليار درهم، ومن المتوقع أن تستغرق الأشغال قرابة 30 شهراً، على أن يكون التسليم الأولي للملعب في مطلع سنة 2028.

وتسبق هذه الخطوة تحضيراً دقيقاً لاستقبال كأس العالم للأندية في سنة 2029، في تجربة تنظيمية تعد بمثابة اختبار قبلي للمونديال المرتقب، خاصة أن ملعب الحسن الثاني يُعد المرشح الأبرز لاحتضان المباراة النهائية لكأس العالم 2030، بعد انسحاب البرتغال من سباق احتضان النهائي لعدم توفرها على ملعب يستجيب لمتطلبات الفيفا الدقيقة.

ويأتي هذا التطور الميداني في وقت تتجه فيه الأنظار إلى لجنة تنظيمية خاصة سيشكلها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بهدف تتبع سير الأشغال في الملاعب المعنية باحتضان المباريات، سواء تعلق الأمر بحفل الافتتاح أو النهائي أو غيرها من المباريات التي ستجمع بين 48 منتخباً.

ويعد المغرب أحد أبرز المساهمين في هذا الملف، إلى جانب إسبانيا التي ستحتضن 11 ملعباً مشاركاً، ما يعكس حجم الثقة الدولية في القدرات المغربية التنظيمية.

المشروع من المنتظر أن يكون له وقع ملموس على البنية التحتية للمنطقة، خصوصاً على مستوى النقل السككي، من خلال ربط مطار محمد الخامس الدولي بشبكة قطارات جهوية سريعة تمر عبر الملعب، مما يعزز الربط بين مراكز الجهة الكبرى ويدعم الجاذبية الاستثمارية للإقليم.

كما أن القيمة الاقتصادية لهذا الورش تمتد إلى فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة التي سيخلقها، علاوة على دينامية عمرانية وسياحية متوقعة ستغير معالم بنسليمان والمناطق المحيطة بها.

في خضم هذه التحضيرات، يتضح أن ملعب الحسن الثاني هو المنشأة الوحيدة ضمن لائحة ملاعب مونديال 2030 التي سيتم إنجازها من الصفر، في حين أن باقي الملاعب سيعرف إما إعادة تأهيل أو تطوير.

ويُعد هذا الاختيار دليلاً على إرادة المغرب في ترك بصمة دائمة على خارطة الملاعب العالمية، حيث سيكون الملعب الأكبر ضمن الترشيح المشترك، بسعة قياسية ومدرجات تمتد على سبعة طوابق، وهو ما يجعله مرشحاً من الطراز الرفيع لاستضافة أكبر التظاهرات الرياضية في العالم.

ويبدو أن الرهان المغربي لا ينحصر في استضافة البطولة فحسب، بل يتعداه إلى توظيف الرياضة كرافعة تنموية، ترسخ موقع المملكة كفاعل أساسي في المشهد الرياضي الدولي، وتؤسس لنموذج جديد في تدبير المشاريع الكبرى يقوم على التكامل بين البعد الثقافي، الاقتصادي، والبنية التحتية الذكية.

آخر الأخبار