أحمد نور الدين: الجزائر قدمت مغالطات للجنة الرابعة و"البيعة" دليل تاريخي على سيادة المغرب

يواصل النظام الجزائري، الذي يعيش على وقع أزمات داخلية وخارجية متفاقمة، توجيه سهامه نحو المملكة المغربية من خلال نهج تصعيدي وعدائي مستمر، يستعمل فيه كل أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي، في محاولة للتشويش على المواقف المغربية الثابتة، ولا سيما في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، التي تُعدّ ركيزة أساسية في السيادة الوطنية للمملكة.
وفي أحدث فصول هذا التوتر المفتعل، اختار السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، منصة اللجنة الرابعة للأمم المتحدة لطرح مزاعم قديمة جديدة حول النزاع المفتعل، واصفًا القضية بـ"مسألة تصفية استعمار" داعيًا إلى استئناف ما سماه "المفاوضات المباشرة" بين المغرب وجبهة البوليساريو، ومتحدثًا عن استفتاء تقرير المصير الذي "لم يُنظم بعد"، على حد تعبيره.
هذا الخطاب المكرر سرعان ما قوبل برد علمي وتحليلي صارم من طرف الخبير المغربي في العلاقات الدولية وشؤون الصحراء، أحمد نور الدين، الذي دحض ما وصفه بـ"التدليس والتضليل"، مؤكدًا أن المواقف الجزائرية لا تستند إلى أية أرضية قانونية أو واقعية، وأنها تتجاهل عن قصد معطيات تاريخية دامغة تُثبّت سيادة المغرب على صحرائه.
وفي تصريح صحفي توصلت به "الجريدة 24"، أوضح نور الدين أن محكمة العدل الدولية، في رأيها الاستشاري الشهير سنة 1975، أثبتت وجود روابط قانونية وتاريخية، ممثلة في "البيعة" بين سكان الصحراء وسلاطين المغرب، وهو ما ينسف الأساس الذي يقوم عليه الخطاب الجزائري.
فالعلاقة بين الدولة المغربية وأقاليمها الصحراوية لم تكن وليدة اللحظة، حسب الخبير في العلاقات الدولية بل موثقة عبر قرون، في شكل تعيينات رسمية لشيوخ القبائل، وقضاة، وممثلي الزوايا الصوفية من قبل العرش العلوي، إلى جانب آلاف الوثائق العدلية التي تُثبت ولاء سكان الصحراء للدولة المغربية.
وأضاف الخبير المغربي أن مفهوم "البيعة"، في القانون الدولي الإسلامي، يُعدّ أحد أقوى المؤشرات على ممارسة السيادة، وهو ما يجعل الادعاءات الجزائرية أمام المنتظم الدولي تفتقر للمشروعية التاريخية والقانونية.
وفي ما يخص مسألة الاستفتاء، شدد نور الدين على أن الجزائر وجبهة البوليساريو هما من عرقلتا هذا المسلسل، وليس المغرب كما يروج له الخطاب الجزائري. وأوضح أن انسحاب الطرف الانفصالي ومن خلفه الجزائر من لجان تحديد الهوية هو ما أدى إلى توقف العملية، بعدما أصبحت استحالة تحديد اللوائح الانتخابية عقبة لا يمكن تجاوزها.
وتابع أن الأمم المتحدة، أمام هذا الانسداد، أعلنت سنة 1994 وقف عملية الاستفتاء نهائيًا، ثم عاد الأمين العام الأممي سنة 2004 ليؤكد استحالة تنظيمه، مما يؤكد أن الدعوات الجزائرية لتنظيم الاستفتاء اليوم لا تعدو كونها رجع صدى لموقف سياسي متجاوز.
ويرى نور الدين أن الموقف الجزائري محكوم بعقلية الهيمنة الإقليمية والصراع المفتوح مع المغرب، أكثر من كونه قائمًا على مبادئ القانون الدولي.
فبينما تطرح المملكة المغربية مبادرات واقعية ومتقدمة، من ضمنها مقترح الحكم الذاتي الذي يحظى بدعم دولي واسع، تواصل الجزائر التشبث بمواقف جامدة وترويج سرديات لا تنسجم مع التطورات الجيوسياسية ولا مع المعطيات التاريخية.
وختم المتحدث ذاته، بالتأكيد على أن خطاب التصعيد والمناورات الدبلوماسية لن يغيّر من واقع السيادة المغربية على أقاليمها الجنوبية، التي باتت تحظى باعتراف متزايد في المحافل الدولية، مشددًا على أن الحل الوحيد الممكن لهذا النزاع المفتعل يمر عبر الواقعية السياسية واحترام سيادة الدول، وليس عبر التضليل السياسي والتوظيف العدائي للمؤسسات الأممية.