السكوري من جنيف: لا يزال 110 آلاف طفل مغربي يشتغلون

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

12 يونيو 2025 - 10:20
الخط :

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى جنيف لمناقشة آخر التقديرات الدولية بشأن عمل الأطفال والحلول الممكنة، لا يزال عشرات الآلاف من الأطفال المغاربة يشتغلون في الوقت الذي يجب أن يكونوا جلسين على مقاعد الدراسة.

المغرب يقدم في تقاريره الرسمية معطيات تفيد بأن ظاهرة تشغيل الأطفال في تراجع، وهو ما صرح به يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في جنيف أمس الاربعاء، على هامش الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي، مؤكدا التزامه المستمر بتوسيع أثر تجربته محليا ودوليا، في سياق من التحديات التنموية والاجتماعية المعقدة.

وقال السكوري، إن المغرب نجح في تقليص ظاهرة تشغيل الأطفال بنسبة 55 في المائة منذ عام 2017، وهي الأرقام التي سبق أن كشفت عنها المندوبية السامية للتخيطط في آخر إحصاء لها بخصوص هذا الموضوع.
واعتبر الوزير أن هذا التراجع الكبير يعبر عن "جدية التزام المملكة بمكافحة هذه المعضلة الإنسانية" ويفتح المجال أمام "نماذج حلول قابلة للتطبيق عالميا".

 

صورة مقلقة
بيانات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2023 تكشف أن نحو 110 آلاف طفل مغربي، تتراوح أعمارهم بين 7 و17 سنة، لا يزالون منخرطين في أنشطة اقتصادية، أي ما يعادل 1.4٪ من مجموع أطفال هذه الفئة العمرية بالمغرب، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالأعوام السابقة لكنها ما تزال تثير القلق، خصوصا في المناطق القروية.

المعطيات نفسها كشفت أن أكثر من 79.9٪ من هؤلاء الأطفال يعيشون في القرى، ويعملون أساسا في الزراعة والغابات والصيد، بينما يتوزع الباقون على الخدمات والصناعة في المدن.
وتمثل الأعمال الخطيرة حوالي 63.3٪ من الحالات في قطاع البناء، ويمارسها أكثر من 69 ألف طفل بحسب التصنيف القانوني لمنظمة العمل الدولية.

وتشير الأرقام كذلك إلى أن 60٪ من الأطفال العاملين يشتغلون داخل أسرهم، في أعمال ينظر إليها أحيانا باعتبارها "مساعدة عائلية"، غير أن الوزير السكوري شدد في كلمته على أن "هذه الوضعية لم تعد مقبولة، حتى إن لم تنطبق عليها المعايير التقليدية لعمل الأطفال"، مؤكدا ضرورة تجاوز المقاربات التبريرية واستبدالها بسياسات شاملة للوقاية والحماية.

 

روافع ..
السكوري أوضح أن الانخفاض الملحوظ في تشغيل الأطفال يعود إلى "روافع أساسية"، في مقدمتها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي يشمل حاليا أزيد من 7 ملايين طفل مغربي، وفق رؤية ملكية تروم تحصين الطفولة من الهشاشة.

كما أشار إلى توسيع التعليم الأولي ليشمل كافة الأطفال البالغين أربع سنوات فما فوق، في إطار شراكة بين الدولة ومنظمات غير حكومية، وباعتماد نموذج تربوي يتلاءم مع الخصوصيات المحلية، وهو ما ساهم في كبح تسرب الأطفال من المدرسة، أحد الأسباب الرئيسية لدخولهم المبكر لسوق الشغل.

وشدد الوزير على أهمية "الحكامة الرشيدة" وتعزيز عمليات المراقبة والتفتيش بالتعاون مع الجهاز القضائي، إلى جانب ملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وهو ما ساعد في إغلاق الكثير من الثغرات التي كانت تستغل في توظيف القاصرين.

 

من التجربة إلى التأثير
وفي إشارة إلى تطلعات المغرب المستقبلية، كشف السكوري أن المملكة تستعد لاحتضان الدورة السادسة للمؤتمر الدولي حول عمل الأطفال في فبراير 2026، وتهدف من خلال ذلك إلى "إحداث أثر عالمي أوسع"، من خلال نقل الممارسات الجيدة وتوسيع الشراكات متعددة الأطراف.

وتزامن هذا التصريح مع إطلاق تقرير مشترك بين منظمة العمل الدولية واليونيسيف بجنيف، حول أحدث الاتجاهات العالمية لعمل الأطفال، حيث شددت الأطراف الدولية المشاركة على أهمية التجارب الإقليمية الناجحة مثل المغرب، في صياغة استراتيجيات فعالة للقضاء على هذه الظاهرة بحلول 2030.

ورغم التراجع الملموس في الأرقام، ما زال تشغيل الأطفال يمثل تحديا حقيقيا للتنمية الاجتماعية في المغرب، خاصة في الوسط القروي، حيث تتقاطع الفقر، والهشاشة الأسرية، والتسرب المدرسي.
غير أن السياسات المندمجة التي تنتهجها المملكة، وفق ما أكده الوزير السكوري، تمنح الأمل في بناء نموذج فعال يحتذى به إقليميا ودوليا.

آخر الأخبار