طائرات شبح وتكنولوجيا استخباراتية وشراكات كبرى.. المغرب يعيد رسم خريطة التوازن العسكري

في تحول استراتيجي يعكس طموحًا متناميًا لتعزيز القدرات الدفاعية وتكريس موقع الريادة الإقليمية، يواصل المغرب نهجه التصاعدي في تحديث ترسانته العسكرية وتوسيع قاعدة شركائه الدوليين، معتمدًا على سياسة تسلح متدرجة ومنفتحة تجمع بين السيادة الوطنية والتعاون الدولي.
هذا التوجه يعكس وعيًا متزايدًا بمتغيرات البيئة الجيوسياسية التي تشهد تحولات عميقة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وما تفرضه من جاهزية عسكرية متقدمة واستباقية.
وقطعت القوات المسلحة الملكية المغربية، خلال السنوات الأخيرة أشواطا لافتة في ميدان التحديث العسكري، وهو ما يتجلى من خلال سلسلة من الصفقات الدفاعية النوعية التي أبرمتها مع شركاء كبار كفرنسا والولايات المتحدة وتركيا والبرازيل، ضمن استراتيجية تهدف إلى تنويع مصادر التسلح وضمان انتقال تكنولوجي وتكامل عملياتي بين مختلف أفرع الجيش.
وتتجه الرباط اليوم نحو إعادة بناء بنيتها الدفاعية على أسس تدمج بين التكنولوجيات المتطورة والخبرة العملياتية، في أفق بناء جيش عصري قادر على مواكبة التحديات الإقليمية المتزايدة.
في هذا السياق، كشفت مصادر إعلامية متخصصة، من بينها موقع "تايمز إيروسبيس" (Times Aerospace)، أن المملكة المغربية باتت على وشك إتمام صفقة تاريخية مع شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية، تقضي بحصول القوات الجوية الملكية على مقاتلات "F-35A" الشبحية، الأحدث في العالم، لتكون بذلك أول دولة عربية وإفريقية تتسلم هذا الطراز المتقدم.
وتُقدّر الصفقة، التي تشمل 32 طائرة، حسب التقرير ذاته، بحوالي 17 مليار دولار تُدفع على مدى 45 سنة، وتشمل الكلفة الشاملة للشراء، الصيانة، التدريب والدعم اللوجستي.
وأكدت الصحفية ذاتها؛ أن الصفقة تم التمهيد لها خلال دورات سابقة من معرض "آيدكس" (IDEX) بأبوظبي، حيث أجرت شركات الدفاع الأميركية، وعلى رأسها "لوكهيد مارتن"، لقاءات موسعة مع وفد عسكري مغربي، تم خلالها تقديم إحاطات تقنية دقيقة حول قدرات المقاتلة من الجيل الخامس، وآفاق دمجها ضمن العقيدة العملياتية المغربية.
ويُنظر إلى هذه الصفقة، في حال اكتمالها، على أنها تمثل طفرة نوعية في القوة الجوية المغربية، التي ستتحول إلى فاعل إقليمي بقدرات هجومية واستطلاعية غير مسبوقة.
وفي الإطار نفسه، أكدت التقرير أنه يُنتظر أن تعزز القوات الجوية الملكية قدراتها الاستخباراتية عبر إدماج طائرتين من طراز "غلف ستريم G550" مخصصة لمهام الاستطلاع الإلكتروني (ISR)، تُجهز بالتعاون بين شركة "L3 Systems" الأميركية وشركة "Elta" الإسرائيلية، المتخصصة في الرادارات والتقنيات الاستخباراتية.
وفي مؤشر آخر على التوجه نحو مزيد من التمكين التكنولوجي، كشفت شركة "L3Harris" الأميركية، في تقريرها، عن نموذج لطائرة استطلاع واستخبارات تم تطويرها خصيصًا لصالح القوات الملكية الجوية المغربية، وعُرضت لأول مرة خلال معرض مراكش الدولي للطيران، في خطوة تؤشر على مستوى جديد من التعاون الثنائي.
كما أبدت شركة بومباردييه الكندية، على لسان أحد مسؤوليها، حسب المواقع المهتمة بالشأن العسكري، اهتمامًا بإمداد المغرب بطائرات مخصصة للمهام الخاصة، مُزودة بأنظمة متقدمة من تطوير شركة "Elta"، التي افتتحت مؤخرًا فرعًا لها في المملكة، مما يعزز البنية الصناعية الدفاعية المغربية.
ومن المنتظر أن تُترجم هذه الدينامية الجديدة إلى مكانة إقليمية متقدمة في معادلات الأمن الجماعي بشمال إفريقيا، بما يجعل من القوات المسلحة الملكية المغربية فاعلًا محوريًا في التوازنات الاستراتيجية للمنطقة.