استئنافية القنيطرة تنصف "مولات 88 غرزة" وتدين المعتدي بسنتين حبسا نافذا

أسدلت محكمة الاستئناف بمدينة القنيطرة، اليوم الجمعة، الستار على واحدة من القضايا التي هزت الرأي العام الوطني، بعدما أصدرت حكما قضى بإدانة المتهم في قضية الاعتداء العنيف على السيدة خديجة، المعروفة بلقب "مولات 88 غرزة"، بالحبس النافذ لمدة سنتين، مع تغريمه مبلغ 200 ألف درهم كتعويض مدني لفائدة الضحية.
وقد أعربت خديجة عن ارتياحها الكبير عقب مغادرتها قاعة المحكمة، معتبرة أن الحكم يمثل انتصارا جزئيا للعدالة، ويعطي بارقة أمل للنساء ضحايا العنف.
القضية التي أثارت صدمة واسعة لدى الرأي العام، تعود إلى واقعة اعتداء عنيف تعرضت له الضحية خديجة، وخلّف آثاراً جسدية واضحة تطلبت تدخلات طبية متكررة و88 غرزة لخياطة الجروح التي أصيبت بها.
وقد كانت بداية المسار القضائي مثار جدل كبير، خاصة بعد صدور الحكم الابتدائي عن محكمة مشرع بلقصيري في نهاية شهر ماي الماضي، والذي أدان المتهم بشهرين فقط حبسا نافذا، وغرامة مالية لم تتجاوز 3 آلاف درهم، ما أثار موجة غضب عارمة واحتجاجات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
واعتبر عدد من المتفاعلين والنشطاء الحقوقيين أن الحكم الابتدائي "هزيل" و"غير منصف"، بالنظر إلى حجم الأذى النفسي والجسدي الذي تعرضت له الضحية، مطالبين بإعادة النظر فيه من خلال الاستئناف، وتطبيق مقتضيات القانون الجنائي، خاصة الفصل 507 الذي ينص على عقوبات أكثر صرامة في حالات العنف المؤدي إلى تشويه أو إعاقة دائمة.
وذهب معلقون إلى حد وصف الحكم الأول بـ "الصدمة القضائية" التي تُقوض ثقة المواطن في العدالة، وتفتح المجال لتطبيع اجتماعي مع العنف ضد النساء.
في هذا السياق، عبّر عدد من الفاعلين الجمعويين عن تضامنهم المطلق مع الضحية، معتبرين أن إعادة تصحيح المسار القضائي في المرحلة الاستئنافية هو انتصار لقيم الإنصاف وحماية الكرامة الإنسانية، ورسالة واضحة مفادها أن التراخي في مواجهة العنف الجسدي لم يعد مقبولا في مغرب اليوم.
وأكدوا على أهمية تفعيل القوانين الزجرية بصرامة، خاصة في ما يتعلق بالعنف المبني على النوع الاجتماعي، تماشياً مع التزامات المغرب الدستورية والحقوقية.
الحكم الجديد، الذي جاء بعد أسابيع من التفاعل الإعلامي والمدني الواسع مع القضية، اعتبره مراقبون مؤشرا إيجابيا نحو تفعيل العدالة المنصفة والناجزة، ولو في مرحلة الاستئناف، كما اعتبره البعض الآخر ثمرة لضغط الرأي العام ومرافعة المجتمع المدني، الذي ما فتئ يطالب بإصلاح جذري للمنظومة القضائية، خاصة في قضايا العنف ضد النساء، التي غالباً ما تطرح أسئلة مؤرقة حول العدالة الجنائية ومسؤولية مؤسسات الحماية القانونية.
وبينما استقبلت الضحية الحكم الجديد بنوع من الارتياح، أكدت في تصريحاتها لوسائل الإعلام أن ما تعرضت له لا يمكن أن يُمحى بسهولة، مشيرة إلى أن معركتها لم تكن فقط من أجل معاقبة الجاني، بل من أجل أن يسمع صوت كل النساء اللواتي يعانين في صمت، وأن لا تتكرر المأساة نفسها في حق أخريات.