البيجدي: شركات وهمية تستفيد من دعم المواشي

قالت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إن برنامج الحكومة لإعادة تكوين القطيع الوطني لا يرقى إلى المستوى المطلوب.
ونبهت قيادة البيجدي إلى أن المبلغ المخصص لإعادة تكوين القطيع الوطني، والمقدر بـ6.2 مليار درهم موزعة على موسمين، لا يكفي.
وأوضح الحزب أن الجمع بين الدعم المباشر والإعفاء من الديون لا يخدم الهدف الأساسي. وأكد أن البرنامج يفتقر إلى التأثير الفعلي في دعم مربي الماشية.
الحزب دعا إلى ضرورة الشفافية في توزيع الدعم. وشدد على أهمية التركيز على المربين الصغار والمتوسطين. وحذر من تكرار أخطاء سابقة في تدبير استيراد المواشي.
وقالت الأمانة العامة لحزب "المصباح" إن العملية شابها ضعف في الشفافية وغياب الفعالية. واتهم الحزب مستفيدين من خارج القطاع بإنشاء شركات للاستفادة من الدعم.
وأضاف أن بعض الشركات لا علاقة لها بالمجال، وهدفها الوحيد هو اقتناص الإعفاءات. واعتبر ذلك مسا خطيرا بحق المهنيين الحقيقيين وبالأمن الغذائي للبلاد.
واستنكر الحزب غياب الحكومة عن مراقبة الأسواق. وانتقد ضعفها في محاربة الغش والاحتكار. ورفض محاولتها تحميل المواطنين مسؤولية هذا العجز.
وفي سياق آخر، دق الحزب ناقوس الخطر بشأن تفاقم المديونية. وقال إن تقارير رسمية كشفت ارتفاعا مقلقا في المديونية الخارجية. وأشار إلى لجوء الحكومة إلى الاقتراض بشكل غير مسبوق. واعتبر أن هذا يحدث رغم توفر الحكومة على موارد ضريبية مرتفعة.
ولفت إلى أن الحكومة استفادت من مداخيل استثنائية عبر بيع أصول عمومية. وحذر من تداعيات الإنفاق غير المرشد على الاقتصاد الوطني.
الحزب نبه إلى مخاطر السياسة الحكومية الحالية. وأكد أنها تهدد التوازنات المالية والاجتماعية. ودعا إلى توجيه الموارد نحو تقليص العجز ومواجهة تقلبات المستقبل.
يذكر أنه انعقد أول أمس الجمعة، بمقر وزارة الداخلية، اجتماعا لإطلاق الورش الوطني من أجل إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية.
الاجتماع ضم وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، إلى جانب مسؤولين مركزيين وجهويين، وممثلي قطاعات الاقتصاد والفلاحة عبر تقنية التناظر المرئي.
بتوجيهات ملكية
الاجتماع شكل مناسبة لإطلاع مختلف المتدخلين على المبادئ التوجيهية لعملية إعادة تكوين القطيع، المستمدة من التعليمات الملكية، والتي شددت على ضرورة إنجاح هذه العملية على جميع المستويات، وبتأطير مباشر من السلطات المحلية لضمان النزاهة والنجاعة في تدبير الدعم.
ووفق وزارة الداخلية، فإن هذه العملية تحظى بـ"أهمية قصوى" لما لها من دور في تعزيز السيادة الغذائية للمملكة، ودعم المربين، ومواجهة التحديات المناخية والاقتصادية المتزايدة، في ظل توالي سنوات الجفاف وتراجع القطيع الوطني.
رقمنة وتأهيل..
الورش الجديد يتأسس على إحداث قاعدة بيانات رقمية وطنية دقيقة، تشمل تحديدا شاملا للقطيع والمربين، ما يتيح وضع خطط وبرامج واقعية لإعادة التكوين، تماشيا مع الاحتياجات الفعلية للقطاع.
ويرتكز المشروع على رؤية استراتيجية قائمة على رقمنة الإجراءات وتحيين المعطيات بشكل دوري.
حكامة متعددة
وقد جرى خلال الاجتماع استعراض مضامين دورية مشتركة تؤطر حكامة هذا الورش، من خلال إحداث لجنة قيادة مركزية ترأسها وزارة الداخلية، ولجنة تقنية مشتركة بين الوزارات بإشراف وزارة الفلاحة، إلى جانب لجان محلية يقودها الولاة والعمال.
هذه البنية التنظيمية، بحسب المصدر ذاته، تمثل حجر الزاوية في تنزيل المشروع ميدانيا، من خلال توزيع دقيق للأدوار، وضمان تنسيق فعال بين مختلف الفاعلين المعنيين.
تعبئة شاملة
الاجتماع شهد أيضا توجيه دعوة صريحة إلى مختلف المسؤولين الترابيين والمركزيين للانخراط الفعال والملتزم في إنجاح الورش، عبر تعبئة الموارد البشرية واللوجستيكية اللازمة، وضمان تتبع دقيق لكل مراحل العملية، لا سيما ما يتعلق بجمع المعطيات، وتحديد أهلية المستفيدين من الدعم، واحترام المعايير المعتمدة، إلى جانب تفعيل آليات التواصل والتحسيس وسط الفلاحين والمربين.
ويأتي هذا المشروع في سياق ظرفية حرجة يمر منها القطاع الفلاحي بالمغرب، بفعل التغيرات المناخية وشح التساقطات، والتي تسببت في تراجع كبير في أعداد الماشية. ورغم الدعم الحكومي السابق الموجه للأعلاف، فإن أزمة القطاع استمرت، وهو ما يجعل ورش "إعادة التكوين" رهانا كبيرًا على المدى المتوسط والبعيد.
ويرى مراقبون أن نجاح المشروع يظل رهينا بمدى شفافية تدبير الدعم، ومهنية اللجان المحلية، وصرامة المراقبة، خاصة أن تجارب سابقة أظهرت اختلالات في توزيع الدعم أو استفادة غير مستحقين.