أشكال شغل جديدة تربك السوق وتقصي آلاف العاملين من الحماية

في الوقت الذي يعرف فيه سوق الشغل المغربي تحولات عميقة وغير مسبوقة، دق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اليوم الأربعاء، ناقوس الخطر بشأن تزايد "أشكال التشغيل اللانمطية".
المجلس نبه إلى أن أشكال العمل الجديدة باتت تهدد مكتسبات العمال وتفرغ منظومة الشغل من مضمونها الحقوقي والاجتماعي.
وأكد عبد القادر اعمارة، رئيس المجلس، في لقاء تواصلي خصص لتقديم مخرجات رأي المجلس حول "الأشكال اللانمطية للتشغيل والعلاقات المهنية"، أن مئات الآلاف من العاملين، خاصة الشباب والنساء، باتوا يشتغلون في ظروف غير محمية، دون عقود واضحة، ولا تغطية صحية، ولا أي ضمانات على صعيد الأجر، والتقاعد، والتعويضات.
هشاشة خارج القانون
وشدد اعمارة على أن الأطر القانونية والتنظيمية الحالية، التي صممت لتأطير الشغل القار والدائم، لم تعد قادرة على مواكبة هذه الأشكال الجديدة التي تفرضها الرقمنة والذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن هذه التحولات تفاقم هشاشة العمال وتقصيهم من حقوقهم الأساسية.
ومن بين أبرز أنماط الشغل الناشئة، حسب المجلس، يبرز "العمل عن بعد"، و"العمل عبر المنصات الرقمية"، و"العمل لبعض الوقت"، وهي أنماط توسعت بشكل لافت بعد جائحة كوفيد-19، دون أن تواكبها إجراءات حماية وتشريع واضحة.
أشكال "مرنة" بدون حقوق
ووفق التقرير، فإن من بين الأنشطة التي تنتشر بوتيرة متسارعة، نقل الركاب وتوصيل الطلبيات عبر تطبيقات عالمية، وصناعة المحتوى والخدمات الرقمية المقدمة عن بعد، لفائدة شركات قد تكون خارج التراب الوطني، إضافة إلى العمل المؤقت والموسمي أو بالتناوب مع الدراسة أو الالتزامات الأسرية.
هذه الأنشطة، رغم ما تحمله من فرص، تؤدي، حسب اعمارة، إلى غياب شبه تام لأي تمثيلية نقابية، وتفرغ آليات الحوار الاجتماعي من معناها، ما يجعل العامل معزولا عن أي إطار للدفاع عن مصالحه المهنية.
بين الفرصة والتهديد
في المقابل، يرى اعمارة أن هذه الأشكال تمثل أيضا فرصة لخلق مناصب شغل جديدة وجذب استثمارات في مهن المستقبل، خاصة بالنسبة للشباب والنساء، وأكد أنها تساهم في تقليص التنقلات، وخفض الضغط على البنية التحتية، وتقليص الانبعاثات الكربونية.
لكن هذه المكاسب، كما يقول رئيس المجلس، لا يجب أن تخفي مخاطر "الانزلاق نحو سوق عمل غير منظم"، مما يفرض ضرورة ملحة لإرساء توازن دقيق بين مرونة السوق وضمانات العمل اللائق، وفي مقدمتها العدالة الأجرية، والحماية الاجتماعية، والسلامة المهنية، والحق في التمثيلية النقابية.
إصلاح تشريعي عاجل
وخلص المجلس إلى أن التأخر في تأطير هذه الأشكال المستجدة يهدد بانفجار اجتماعي صامت، ويزيد من تعقيد تحديات التنمية الشاملة. ودعا الحكومة إلى مراجعة جذرية لمنظومة الشغل، بما يضمن الإدماج الآمن للمشتغلين الجدد، دون المساس بحقوقهم الأساسية ولا تحميلهم ثمن التحولات الرقمية والاقتصادية الجارية.