غرق متكرر للأطفال في الصهاريج.. والبرلمان يطالب بتدخل فوري للداخلية

تشهد مناطق متعددة من أقاليم المملكة تزايدًا مقلقًا في حالات غرق الأطفال واليافعين داخل الصهاريج المائية البلاستيكية المخصصة لأغراض فلاحية، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الفترة الأخيرة، ما دفع فئات واسعة من الشباب والأطفال إلى البحث عن بدائل للسباحة في ظل انعدام البنيات الترفيهية والرياضية الأساسية.
وتحولت هذه الصهاريج، غير المهيأة وغير الآمنة، إلى مقصد موسمي خطير، تحصد ضحايا أبرياء في كل موسم صيفي، في مشهد يتكرر دون تدخل ناجع للحد من نزيف الأرواح.
وفي خضم موجة الحر التي تجتاح مناطق مختلفة من المغرب، خصوصًا في محيط مراكش ونواحيها، باتت هذه الأحواض الزراعية تشكل تهديدًا يوميًا لحياة الأطفال، في ظل الغياب التام للمسابح العمومية وفضاءات الترفيه الموجهة للفئات الناشئة.
وتفيد التقارير بأن عددًا من الجماعات القروية شهدت مؤخرًا حوادث غرق مأساوية، كان أبرزها في دوار المرادسة قرب تامنصورت، ودوار فورني بجماعة سعادة، حيث لقي خمسة أطفال مصرعهم في أسبوع واحد فقط، ما أثار موجة من القلق والاستنكار وسط الساكنة والهيئات الحقوقية والمدنية.
وعزت فعاليات جمعوية هذا الوضع إلى هشاشة البنيات التحتية وغياب رؤية تنموية مندمجة تستحضر حق الأطفال في اللعب والترفيه، مشيرة إلى أن ترك الأطفال يواجهون مصيرهم في مثل هذه الفضاءات غير المؤمنة يعد تقصيرًا واضحًا من طرف الجماعات الترابية والسلطات المحلية، التي لم تبادر إلى اتخاذ إجراءات عملية لحماية حياة الناشئة.
كما أشار فاعلون مدنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن هذه الصهاريج البلاستيكية، التي تستعمل أساسًا لتخزين المياه الخاصة بسقي المزروعات، تتحول بفعل الإهمال إلى مصائد قاتلة، خاصة في ظل غياب أي سياج أو لافتات تحذيرية.
وتعالت أصوات عدد من النشطاء المدنيين، داعية إلى ضرورة تدخل السلطات العمومية بشكل فوري لتسييج هذه الصهاريج المائية المنتشرة داخل الضيعات الفلاحية، إلى جانب تنظيم حملات توعوية تحسيسية لفائدة الآباء والأمهات، تحذر من مخاطر ترك الأطفال يقتربون من هذه الفضاءات.
وشدد المتحدثون على أن التعامل مع الظاهرة بمنطق موسمي لم يعد كافيًا، بل بات من الضروري اعتماد خطة متكاملة تشمل الرصد والمراقبة والتأهيل والبناء.
وبموازاة ذلك، دخل البرلمان على خط هذا النزيف المتكرر، حيث وجهت النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة عن حزب الحركة الشعبية سؤالًا كتابيًا إلى وزير الداخلية، سلطت فيه الضوء على خطورة الوضع، مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات فورية ومُهيكلة لحماية الأطفال من هذه الحوادث المميتة.
وتساءلت البرلمانية عن مدى استعداد السلطات لتنزيل برامج جهوية أو محلية لإحداث مسابح وفضاءات ترفيهية آمنة تستجيب لحاجيات الأحياء الشعبية والمناطق القروية المحيطة بمدينة مراكش، مؤكدة على أهمية إشراك مختلف المتدخلين، من سلطات محلية وجماعات ترابية وقطاعات حكومية، من أجل وضع حد لهذه المأساة المتكررة.
وأكدت بوجريدة في سؤالها البرلماني أن موجات الحر لم تعد استثناءً مناخيًا بل أصبحت ظاهرة دورية متكررة، ما يفرض التأقلم معها عبر توفير بدائل آمنة للشباب والأطفال، مشددة على أن الحق في اللعب والترفيه يعد جزءًا لا يتجزأ من حقوق الطفولة كما نصت عليه المواثيق الدولية والدستور المغربي. واعتبرت أن ترك الأطفال يواجهون مصيرهم في مثل هذه الظروف يمثل فشلًا في أداء المؤسسات لدورها الوقائي والاجتماعي.
وتتقاطع مطالب المجتمع المدني مع ما جاء في المبادرة البرلمانية، في التأكيد على أن الحل لا يكمن فقط في المعالجة الظرفية لحوادث الغرق بعد وقوعها، بل في إرساء مقاربة وقائية مستدامة، ترتكز على تأمين الصهاريج، وخلق فضاءات للسباحة مراقبة ومؤطرة، وتفعيل دور الفاعلين المحليين في نشر التوعية وتعزيز ثقافة السلامة والوقاية داخل المجتمع.