دهس طفلة بشاطئ سيدي رحال يُفجر المخاوف من تكرار الفواجع الصيفية

مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تشهد الشواطئ المغربية توافدًا مكثفًا للعائلات والمصطافين من مختلف أنحاء البلاد ومن الخارج أيضًا، في ظل بحث متزايد عن لحظات استجمام وهروب من لهيب الطقس.
غير أن هذا الإقبال المتزايد أعاد إلى الواجهة تساؤلات حقيقية حول شروط السلامة داخل عدد من الفضاءات الساحلية، خصوصًا بعد تسجيل حوادث خطيرة تهدد أمن وسلامة مرتادي الشواطئ، كان آخرها حادث دهس مأساوي لطفلة صغيرة بشاطئ سيدي رحال بإقليم برشيد.
ووفقا لما توصلت به "الجريدة 24"، فإن الحادث وقع حين تعرضت طفلة لا تتجاوز الرابعة من عمرها للدهس من طرف سيارة رباعية الدفع، كانت تجر خلفها دراجة مائية "جيتسكي"، على رمال الشاطئ في منطقة تعج بالمصطافين والأطفال.
الطفلة، التي قدمت من إيطاليا رفقة أسرتها لقضاء عطلتها الصيفية، نُقلت في حالة حرجة إلى إحدى المصحات الخاصة حيث خضعت لعملية جراحية دقيقة على مستوى الرأس، وهي ترقد حاليًا بقسم الإنعاش في وضع دقيق.
وخلف الحادث صدمة واسعة بين مرتادي الشاطئ، وأعاد النقاش بشأن الغياب شبه التام لشروط السلامة الأساسية، خاصة في الفضاءات التي يفترض أن تكون مخصصة فقط للسباحة والاستجمام.
وأعربت العديد من الأسر عن استيائها من السماح بدخول المركبات إلى الشواطئ، معتبرة الأمر تهديدًا مباشرًا لأرواح الأطفال وتقصيرًا في أداء السلطات المحلية والأمنية.
كما تساءل آخرون عن الجهات المسؤولة عن مراقبة الشواطئ وضبط استعمال وسائل الترفيه البحرية التي تُجرّ بواسطة سيارات وسط مناطق مخصصة للراحة العائلية.
في الوقت ذاته، دعت فعاليات جمعوية ومدنية إلى التعجيل بإقرار إجراءات تنظيمية واضحة تحظر دخول السيارات إلى الشواطئ، وتشدد الرقابة على استخدام الدراجات المائية التي غالبًا ما يتم جرها بطريقة عشوائية ومتهورة دون مراعاة لحجم المخاطر.
كما طالبت هذه الفعاليات بضرورة توفير دوريات أمنية قارّة على مدار الساعة داخل الفضاءات الساحلية، مع توفير تجهيزات السلامة الضرورية، من علامات التشوير والتسييج المؤقت للمناطق المزدحمة.
وأثار الحادث أيضًا موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصف عدد من النشطاء ما جرى بـ"الجريمة الشاطئية"، واعتبروا أن الأمر لا يمكن التعامل معه كحادث عرضي بل كمؤشر خطير على هشاشة المنظومة الوقائية، مؤكدين أن الطفل أو السائح أو المواطن المغربي لا يجب أن يكون عرضة للخطر وهو في فضاء يفترض أنه عمومي ومأمون.
وذهب بعضهم إلى المطالبة بإدراج الشواطئ ضمن أولويات الأمن الموسمي، لا باعتبارها فقط مواقع سياحية، بل باعتبارها فضاءات تتطلب التزامات تنظيمية حقيقية.
السلطات المحلية بدورها تدخلت بعد الحادث، حيث تمكنت عناصر الدرك الملكي من توقيف السائق مباشرة بعد الواقعة، وتم الاستماع إليه في محضر رسمي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، كما استمعت للوالدين بحضور فريق طبي بعد نقل الطفلة إلى المصحة.
في المقابل، ما تزال الأسرة تحت وقع الصدمة، وسط مطالبات متزايدة بمتابعة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن الإهمال الذي سمح بسيارة رباعية الدفع بالتحرك بحرية وسط شاطئ مخصص للمصطافين.
في ظل هذه التطورات، تتجدد الدعوات الوطنية إلى فتح ورش وطني جاد حول السلامة الشاطئية، يشمل تحديد مسؤوليات الجماعات الترابية والسلطات المحلية والأمنية، مع إقرار نظام موحد للمراقبة الصيفية يراعي معايير السلامة والوقاية.
فبينما يترقب المواطنون موسمًا صيفيًا مليئًا بالراحة والسكينة، تبقى الممارسات العشوائية وغياب التنظيم الجاد عائقًا كبيرًا يهدد الأرواح، ويُحوّل لحظات المتعة إلى مآسي مؤلمة.