فيلا ومجوهرات بـ600 مليون.. جلسة "إسكوبار الصحراء" تفضح المزيد من الخبايا

تشهد قاعة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء واحدة من أطول وأعقد المحاكمات الجنائية التي شدّت انتباه الرأي العام المغربي، في ما بات يُعرف إعلامياً بقضية "إسكوبار الصحراء".
هذا الملف الذي يضم 28 متهماً من شخصيات سياسية واقتصادية بارزة، على رأسهم سعيد الناصيري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي والقيادي السابق بحزب الأصالة والمعاصرة، وعبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، يسلط الضوء على شبكة مفترضة تنشط في الاتجار الدولي بالمخدرات وتبييض الأموال والتزوير، ويفتح أبواباً واسعة للجدل حول تداخل المال والسياسة والجريمة المنظمة في البلاد.
الجلسة الأخيرة من هذا الملف كشف عن وقائع متشابكة تجمع بين الاتهامات الجنائية والصراعات الأسرية والتحقيقات المالية.
خلال استجواب عبد النبي بعيوي، واجهه القاضي بأقوال الشاهد "س.م" الذي أفاد أنه كان حاضراً أثناء تسليم مفاتيح إحدى الفيلات في حي كاليفورنيا للحاج بن براهيم، المعروف بلقب "إسكوبار الصحراء".
هذا الأخير يُعد العقل المدبر المفترض للشبكة الإجرامية موضوع المتابعة، وأحد أبرز الأسماء التي تربطها خيوط بالقضية.
ونفى بعيوي قطعياً هذه الشهادة، مشيراً إلى أن الفيلا المعنية خرجت من حيازته منذ أن باعها لصهره "ب.م"، الذي يوجد هو الآخر رهن الاعتقال على ذمة القضية.
واستعرضت المحكمة أيضاً أقوال الحاج بن براهيم الذي أفاد بأن عبد النبي بعيوي هو من سلمه المفاتيح بنفسه، وأنه أقام في الفيلا رفقة زوجته السابقة، الفنانة الشهيرة لطيفة رأفت.
كما ادعى "المالي"، كما يُعرف في الأوساط الأمنية، أنه حوّل مبلغ الفيلا نقداً لصالح بعيوي عن طريق أحد الصرافين، وهو ما رفضه بعيوي بشدة، مبرزاً تناقض أقوال بن براهيم الذي غيّر اسم الصراف بعد أن تبين أنه محكوم بالسجن عشر سنوات.
جانب آخر من الجلسة تطرق إلى واقعة السرقة التي يقول عبد النبي بعيوي إنه تعرض لها في شقته بحي المعاريف.
المتهم أوضح أن والدة زوجته السابقة، حضرت رفقة خادمة وأشخاص آخرين، واستولت على مبلغ مالي يناهز 20 مليون سنتيم، إضافة إلى 15 حقيبة تحوي مجوهرات وساعات ثمينة من ماركات عالمية، قُدّرت قيمتها الإجمالية بحوالي 600 مليون سنتيم.
إفادة الحارس الخاص بالعقار دعمت هذه الرواية، حيث أكد أنه شاهد والدة زوجة بعيوي وابنتها وهما تخرجان بالحقائب من المنزل، وصرّح بأن شكوى سُجلت ضد المعنيتين.
واتخذ النزاع الأسري أبعاداً أكثر تعقيداً بعد الحديث عن تسجيل صوتي قدمته المتهمة "د.ل"، يُظهر اعتراف الخادمة بنقل حقيبة من الفيلا، ويُفترض أن محتوياتها مسروقة.
بعيوي دافع عن نفسه قائلاً إن التسجيل جاء بمبادرة من دليلة، ولم يكن هناك أي تهديد أو ضغط، نافياً وجود أي علاقة مشبوهة بينه وبينها، ومؤكداً أن وجودهما في فندق بإفران كان بمحض الصدفة، وأنها لم تكن سوى خياطة لزوجته السابقة.
المثير في الملف أيضاً، ما كشف عنه القاضي من تسجيل ما يزيد عن 1000 مكالمة هاتفية بين عبد النبي بعيوي ودليلة خلال فترة اعتقال والدة زوجته السابقة، وهي المكالمات التي توقفت مباشرة بعد الإفراج عنها.
كما بيّن القاضي وجود نحو 3000 مكالمة بين بعيوي وسعيد الناصيري، غير أن بعيوي قال إنه لا علم له بهذه الأرقام ولا يتذكر حصول مثل هذه المكالمات بتلك الكثافة.
ولا تبدو قضية "إسكوبار الصحراء" أنها تقترب من نهايتها، فمع كل جلسة جديدة تظهر معطيات إضافية تعقد الصورة وتفتح احتمالات كثيرة حول تشعب المصالح بين المتهمين، وتورط المال العام والخاص في شبكة غير واضحة المعالم.
وبينما يتمسك كل طرف ببراءته، تنتظر العدالة المغربية أن تكشف فصول هذه القضية المثيرة، التي تضع أمامها اختباراً حاسماً في مواجهة تداخل المال والسياسة والجريمة المنظمة.
ومن المرتقب أن تُستأنف المحاكمة في جلسة مقبلة يوم الخميس المقبل، في انتظار المزيد من المفاجآت التي قد تقلب موازين الملف.