500 درهم لكيس الدم.. معاناة مرضى الفشل الكلوي والسرطان تتفاقم

الكاتب : انس شريد

19 يونيو 2025 - 10:00
الخط :

على الرغم من الجهود الرسمية المتكررة وحملات التوعية الواسعة التي تشجع على التبرع بالدم وترسخ قيم التضامن والتكافل الوطني، تتزايد في المغرب شكاوى الكثير من المواطنين من ارتفاع أسعار أكياس الدم بالمستشفيات، سواء العمومية أو الخاصة، مما يشكل مفارقة صارخة تتناقض مع نبل الفعل الإنساني الذي يقوم به المتبرعون، ومحنة مادية تثقل كاهل العائلات، خصوصًا تلك التي تعتمد على عمليات نقل دورية للحفاظ على حياة أفرادها.

فبينما يتم التبرع بالدم بشكل طوعي ومجاني، يجد العديد من المرضى أنفسهم مضطرين إلى سداد مبالغ تتجاوز أحيًانا 400 درهم للحصول على كيس دم، بل وتنذر الزيادات الأخيرة ببلوغ أسعار تصل إلى 500 درهما للكيس، وهو ما يشكل تحديًا ماديًا كبيرًا على الفئات ذات الدخل المحدود.

هذا الوضع دفع البرلماني محمد العربي المرابط، عن حزب الأصالة والمعاصرة، إلى توجيه سؤال شفوي لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، مطالبا بإقرار نظام التحمل القبلي للمصاريف لفائدة المرضى الذين يحتاجون إلى التزود بأكياس الدم بشكل دائم ودوري، على رأسهم المصابون بأمراض مزمنة وخطيرة كالفشل الكلوي والسرطان.

وسلط المرابط الضوء على الارتفاع الأخير في تكلفة كيس الدم من 360 إلى 509 دراهم، دون أي إجراءات موازية لحماية الفئات الهشة أو مراعاة ظروفها الصحية والاجتماعية.

وحذّر المرابط من تفاقم الأثر النفسي والمادي على هذه الفئة الهشة، مؤكدًا ضرورة اعتماد إجراءات عاجلة تحد من انعكاسات الزيادات على أسعار الدم، وتضمن التكافؤ وحفظ كرامة المواطن.

وقد لقي هذا الملف مرارا تفاعلًا من قبل عدد من الجمعيات الحقوقية ومكونات المجتمع المدني، التي عبرت عن قلقها الكبير من صعوبة الحصول على كيس الدم، محذرة من تبعاتها على الحق الأساسي في الصحة، ومعتبرة أن الوضع الحالي يشكل مسًا مباشرًا بمبدأ العدالة الصحية.

ودعا عدد من الفاعلين المدنيين، عبر بلاغات ومواقف معلنة، إلى ضرورة تكثيف حملات التبرع بالدم على الصعيد الوطني، مشددين على أن تعزيز مخزون مراكز تحاقن الدم يشكل مسؤولية جماعية، تتقاسمها المؤسسات الصحية، ومكونات المجتمع المدني، والمواطنون على السواء.

مؤكدين أن نجاح هذه الحملات يشترط تبني سياسات تضمن العدالة الصحية وتربط العمل الخيري بمقاربة مؤسساتية محكمة، توفر الدم لجميع المحتاجين دون تمييز مادي.

وشددت الجمعيات الحقوقية على ضرورة تجاوز المقاربة التقليدية، والعمل على تطوير منظومة الصحة العامة، وضبط أسعار الخدمات الصحية، وحماية الحق في الصحة والحياة، مشيرة إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، من مؤسسات الدولة، ومكونات المجتمع المدني، ومجموع المتبرعين، لخلق نظام وطني شفاف، يشجع على التبرع بالدم، ويوفر سبل استفادة عادلة منه، ويضمن حماية المواطنين، خاصة الفئات الهشة، من عبء مادي يحرمهم من الحق الأساسي في الحياة والرعاية الصحية.

وفي هذا السياق، تتزايد الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي وفي الفعاليات المدنية، موجهةً نداءً مباشرًا لجميع المغاربة، من أجل التوجه نحو مراكز التبرع بالدم، باعتبار هذه المبادرة الفردية سلاحًا فعالًا للحفاظ على حياة المرضى، وترسيخ مبدأ التضامن الوطني الذي يشكل ركيزة أصيلة من ركائز المجتمع المغربي، وحجر أساس لبناء منظومة صحية إنسانية ومتكافئة.

آخر الأخبار