والد الطفلة غيثة: ابنتي لا تزال تحت وقع صدمة نفسية.. ولم نطلب أي مساعدات مالية

أثار حادث دهس مأساوي لشاطئ سيدي رحال ضجة كبيرة في الأوساط المغربية، بعد أن تعرّضت الطفلة غيثة، البالغة من العمر أربع سنوات، للدهس من طرف سيارة رباعية الدفع كانت تجر خلفها دراجة مائية "جيت سكي" وسط منطقة مكتظة بالمصطافين، في غياب واضح لشروط السلامة والرقابة.
الحادث، الذي وقع في أحد أكثر الشواطئ شعبية خلال فصل الصيف، حوّل لحظات من الترفيه إلى مشهد مأساوي خلّف صدمة جماعية وغضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونقلت الطفلة التي كانت رفقة أسرتها القادمة من إيطاليا لقضاء عطلتها الصيفية، في حالة صحية حرجة إلى إحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء، حيث خضعت لعملية جراحية دقيقة على مستوى الرأس، قبل أن تغادر بعد ذلك
وفي هذا الصدد، طمأن والدها، عبد الله مخشي، الرأي العام في تدوينة نشرها على حسابه بـ"فيسبوك"، مؤكدًا أن الحالة الصحية لابنته مستقرة وفي تحسن، نافيا في الوقت ذاته الشائعات المتداولة بشأن فرار السائق من موقع الحادث.
وأوضح أن المعني بالأمر يوجد رهن الاعتقال، وأن المسطرة القضائية تسير في مسارها الصحيح، داعيًا إلى عدم الانجرار وراء الأخبار المغلوطة التي تُنشر على منصات التواصل الاجتماعي.
وفيما اعتبر البعض أن تصريحات الأب حملت نبرة هادئة في عز الأزمة، فقد شدد الأخير على ضرورة عدم نشر "الفتنة" أو توظيف معاناة ابنته لتحقيق أهداف مشبوهة.
كما نبّه إلى انتشار حسابات وصفحات وهمية باسم الطفلة على مواقع مختلفة، تسعى لجمع تبرعات بطرق احتيالية، مؤكدًا أن الأسرة لم تطلب أية مساعدات مادية، ولا تمتلك حسابات على "تيك توك"، باستثناء حسابات شخصية على "إنستغرام".
الأب كشف أيضًا عن تدهور الحالة النفسية لابنته الصغيرة بعد الحادث، رغم مغادرتها المصحة، مشيرًا إلى أنها تعيش صدمة مستمرة وتتساءل بشكل مؤلم عن وضعها الصحي، في مشهد يعكس معاناة إنسانية كبيرة تتجاوز الإصابات الجسدية إلى آثار نفسية قد تلازمها طويلًا.
هذا الوضع جعل الأسرة تختار رعاية الطفلة في البيت بعيدًا عن أعين الإعلام والضغوط المتواصلة، أملاً في استعادة بعض من الطمأنينة التي افتقدتها الأسرة منذ لحظة وقوع الحادث.
تفاعُل المغاربة مع الواقعة كان لافتًا، إذ تحوّل وسم "#العدالة\_لغيثة" إلى حملة تضامنية ضخمة على منصات التواصل، رافقتها مطالب بفتح تحقيق عاجل وشامل لتحديد المسؤوليات، وتقديم كل المتورطين إلى العدالة دون تهاون.
وانتشرت صور الطفلة وهي على سرير العلاج، مرفقة بتعليقات مؤثرة طالبت بتشديد الرقابة على الشواطئ، وحماية الأطفال والمصطافين من سلوكات متهورة تُهدد حياتهم دون مبرر.
في خضم هذا الغضب الشعبي، تساءل كثيرون عن الجهة المسؤولة عن مراقبة الشواطئ وتنظيم الأنشطة البحرية، مستنكرين السماح بدخول السيارات إلى فضاءات مخصصة للراحة الأسرية، وجرّ دراجات مائية في مناطق يرتادها أطفال وعائلات. كما اعتبروا أن غياب تدابير تنظيمية صارمة يشجع على الاستهتار ويعرض حياة الأبرياء للخطر.
ودخلت جمعيات مدنية وفعاليات محلية، على خط القضية، مطالبة السلطات بسن قوانين واضحة تمنع دخول العربات إلى الشواطئ، وتفرض نظامًا صارمًا لاستخدام الوسائل الترفيهية البحرية، مع تشديد المراقبة وتوفير دوريات أمنية قارّة على امتداد السواحل، لا سيما في فترات الذروة.
كما دعت هذه الهيئات إلى تجهيز الشواطئ بعلامات تشوير واضحة، وأسوار حماية في المناطق الحساسة، وإشراك الجماعات المحلية في عمليات التتبع والمراقبة اليومية، لتفادي تكرار مآسٍ مماثلة.
وتتزايد في ظل هذه التطورات الدعوات إلى فتح ورش وطني حقيقي حول "السلامة الشاطئية"، يحدّد بدقة مسؤوليات مختلف المتدخلين، من جماعات ترابية وسلطات أمنية ومحلية، ويُقر نظامًا صيفيًا متكاملًا يراعي شروط السلامة، ويضمن للمصطافين قضاء عطلهم في ظروف إنسانية وآمنة.