ارتفاع سومة الكراء يرهق الأسر.. والحكومة تعد بمساكن بأسعار تفضيلية

الكاتب : انس شريد

23 يونيو 2025 - 09:30
الخط :

يشهد قطاع الكراء السكني في المغرب حالة من التوتر المتصاعد، بفعل الارتفاع المهول في أسعار الإيجارات، خاصة في كبريات المدن مثل الدار البيضاء والرباط، حيث باتت هذه الزيادات تمس بشكل مباشر القدرة الشرائية لعدد كبير من الأسر.

ويجد المواطنون أنفسهم في مواجهة سومة كرائية غير منضبطة، تبدأ من 1800 درهم وقد تتجاوز في بعض المناطق الراقية 8000 درهم شهريًا، في ظل غياب إطار قانوني صارم ينظم العلاقة بين المالك والمكتري، ويردع المضاربة وغياب الشفافية في تحديد الأسعار.

هذا الواقع دفع العديد من المواطنين إلى إطلاق نداءات على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بتدخل حكومي عاجل للحد من تغول السوق وضمان الحد الأدنى من التوازن والعدالة.

هذه الدعوات، التي تتزامن مع ضغط متزايد على السكن في المناطق الحضرية، دفعت الحكومة إلى كسر صمتها عبر سلسلة من الإجراءات والمشاريع التي كشفت عنها في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب.

في هذا السياق، أكد أديب بن إبراهيم، كاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المكلف بالإسكان، أن الأزمة تعود بشكل رئيسي إلى اختلال واضح بين العرض والطلب، موضحًا أن العديد من المواطنين أوقفوا تأجير ممتلكاتهم بسبب غياب قانون يضمن حقوقهم ويؤطر العلاقة مع المكتري بشكل متوازن.

هذا التراجع في العرض، بحسب المسؤول الحكومي، فاقم الوضع وخلق فجوة أدت إلى ارتفاع الأسعار في السوق بشكل خارج عن السيطرة.

ولتدارك هذا الوضع، أعلن كاتب الدولة أن الوزارة بصدد إعداد مشروع قانون يُلزم بوجود عقد كراء قانوني، إلى جانب تفعيل مساطر استخلاص واجبات الكراء عبر إجراءات قانونية منظمة، بما يضمن الأمن التعاقدي لكلا الطرفين ويحد من النزاعات المتكررة.

كما أشار إلى أن الوزارة لجأت إلى مكتب خبرة متخصص لمواكبتها في بلورة مشروع مبتكر يهدف إلى دعم فئة المكترين، خاصة ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

المشروع الجديد، وفق ما أعلنه المسؤول ذاته، سيُطلق بشكل مرحلي على مستوى جهات المملكة، من خلال إحداث شركات جهوية يُوكل إليها بناء أو اقتناء وحدات سكنية ثم كراؤها للمواطنين بأسعار مدروسة تقل بكثير عن الأسعار المتداولة في السوق الحرة.

كما ستُخول لهذه الشركات صلاحيات كراء منازل قائمة أو اقتناء مساكن قديمة والعمل على تأهيلها وإعادة طرحها للكراء طويل الأمد.

الخطوة الحكومية لقيت ترحيبًا داخل قبة البرلمان، حيث ثمّن النائب البرلماني عبد الرحيم واعمرو المجهودات التي تبذلها الوزارة الوصية في معالجة أزمة السكن، مشيرًا إلى أن البرنامج الجديد يندرج في إطار رؤية متكاملة تجمع بين الدعم المباشر للمواطن وتوفير عرض سكني بديل ومنظم.

كما أشاد واعمرو بنجاعة التوجه نحو تنويع حلول السكن، وعدم الاقتصار على البيع أو التملك، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تجعل من الكراء خيارًا أساسيا لعدد متزايد من الأسر المغربية.

وفي السياق نفسه، اعتبر النائب البرلماني أن إعلان الوزارة عن إحداث مؤسسة جهوية تهتم بتوفير وحدات سكنية مخصصة للكراء طويل الأمد يشكل خطوة استراتيجية تستجيب لتطلعات آلاف المواطنين، كما أنها تفتح آفاقًا جديدة لإعادة تأهيل النسيج العمراني التاريخي داخل المدن، من خلال إعادة الروح للمباني القديمة المهجورة وتحويلها إلى فضاءات سكنية قابلة للاستغلال.

وطالب عدد من النواب، في مداخلاتهم، بالإسراع في إخراج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ، بالنظر إلى حجم المعاناة التي تعيشها الأسر في مواجهة سومة كرائية أصبحت تُثقل كاهل الطبقة الوسطى والدنيا، بل وتدفع بالكثيرين إلى التراجع عن الاستقلالية السكنية والعودة للعيش ضمن الأسرة الممتدة.

ويُتوقع أن تخلق هذه الخطوة زخما جديدا في سوق الكراء، في حال تم تفعيلها وفق ضوابط دقيقة وبمقاربة تشاركية بين الدولة، والجماعات الترابية، والقطاع الخاص. كما أن إشراك المؤسسات الجهوية في تدبير الملف من شأنه تقريب الخدمة من المواطن وضمان توزيع أكثر عدالة للعرض السكني، بما يتماشى مع رهانات الجهوية المتقدمة وتقليص الفوارق المجالية.

في ظل استمرار الأزمة، تبقى أعين المواطنين معلقة على سرعة تفعيل هذا البرنامج، أملاً في كسر موجة الغلاء، وتوفير حلول حقيقية تُعيد التوازن إلى سوق الكراء، وترسخ الحق في السكن اللائق كواحد من الحقوق الاجتماعية الأساسية التي نص عليها الدستور المغربي.

آخر الأخبار