نقل البشر كسلع.. البرلمان ينتفض ودراسة وطنية على الأبواب

الكاتب : انس شريد

23 يونيو 2025 - 10:00
الخط :

يستمر ملف النقل القروي ووسائل التنقل غير القانونية في المغرب في إثارة الجدل داخل قبة البرلمان، في ظل تزايد الحوادث المرتبطة بالاكتظاظ وغياب المراقبة وتراجع جودة الخدمات، مما فاقم من معاناة السكان، خصوصًا في المناطق الجبلية والنائية.

وقد أعادت سلسلة الحوادث المميتة، خلال الأسابيع الأخيرة، هذا الملف إلى واجهة النقاش السياسي، مع تصاعد الأصوات البرلمانية المطالبة بتدخل حكومي عاجل.

في هذا السياق، وجد وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، نفسه محاصرًا بأسئلة حارقة حول “البيكوب” و”التريبورتور” والنقل السري، بعد أن تحولت هذه الوسائل إلى الخيار الوحيد أمام شرائح واسعة من المواطنين الباحثين عن وسيلة نقل، ولو على حساب سلامتهم.

وتحولت جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة بمجلس النواب، الاثنين 23 يونيو 2025، إلى منصة لمساءلة الوزارة الوصية بشأن محدودية العرض القانوني من وسائل النقل، وغياب استراتيجية واضحة لضبط الفوضى القائمة.

وكشف الضغط الذي تعرفه المدن المغربية، وتحديدًا خلال عطلات نهاية الأسبوع، هشاشة المنظومة الحالية، التي لم تنجح في مواكبة التزايد المضطرد في الطلب.

ورغم بعض المبادرات التي أطلقتها الوزارة خلال الأشهر الماضية، إلا أن أصوات ممثلي الأمة عبّرت عن استياءها من بطء الإصلاح، وغياب نتائج ملموسة على أرض الواقع.

هذا ما أكده البرلماني عبد العزيز البهجة عن الفريق الاستقلالي، الذي أشار إلى أن المواطنين لا يزالون مجبرين على ركوب سيارات نقل البضائع و"التريبورتورات" للوصول إلى وجهاتهم، وهو مشهد لا يليق بالمغرب الحديث.

بدوره، اعتبر النائب حسن التابي عن فريق الأصالة والمعاصرة أن الحكومة مطالبة بالإسراع في إصدار تراخيص النقل المزدوج، وربطها بدفاتر تحملات دقيقة، لضمان المهنية والسلامة، مع إشراك المهنيين في عملية الإصلاح، تفاديًا لأي قرارات فوقية قد تُفاقم الوضع.

وأضاف أن هناك حاجة ملحّة لتجديد أسطول الحافلات المتقادمة، وتوجيه استثمارات حقيقية نحو النقل القروي، خاصة في الجهات المهمّشة التي تعاني ضعفًا في الربط والتنقل.

وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، لم ينف وجود الإشكال، لكنه أكد أن وزارته تبذل مجهودات كبيرة لمعالجة الوضع، معلنًا أن أكثر من 485 ملفًا خاصًا بالنقل المزدوج تمت معالجتها والموافقة عليها إلى غاية 10 يونيو الجاري، فيما أصبحت آجال البت في الملفات لا تتجاوز أسبوعين في المتوسط، بعد اعتماد مساطر مبسطة وشفافة.

وأوضح قيوح أن الوزارة أوشكت على الانتهاء من إعداد دراسة وطنية شاملة حول “تنقل السكان”، وهي الدراسة التي يرتقب إصدارها في غضون ثلاثة أشهر، لتشكل أساسًا علميًا لرسم استراتيجية وطنية محكمة في مجال النقل.

وأبرز أن هذه الدراسة ستتناول بشكل خاص أولويات العالم القروي والمناطق الجبلية، وتستند إلى معطيات ميدانية دقيقة، من أجل استهداف فعّال وتحقيق أثر ملموس.

كما كشف الوزير عن وجود مقترحات في طور التفعيل، من بينها إمكانية تخصيص دعم مالي لتجديد مركبات النقل العمومي التي يتجاوز عمرها 15 سنة، في أفق تحسين جودة النقل وسلامة المرتفقين، مؤكدا أن هذا الإجراء سيُمكّن من إعادة هيكلة القطاع بطريقة تدريجية ومنظمة، بعيدًا عن القرارات الارتجالية.

وفي انتظار تفعيل هذه البرامج، تبقى الحاجة ملحّة إلى حلول عاجلة وملموسة على الميدان، خاصة في ظل تزايد شكايات المواطنين، وارتفاع الحوادث الناجمة عن وسائل نقل لا تحترم المعايير التقنية أو القانونية، وهو ما يجعل من ملف النقل المزدوج والسري تحديًا حقيقيًا للحكومة، يستوجب مقاربة متكاملة تمزج بين البُعد التنموي، والأمني، والاجتماعي.

آخر الأخبار