خيول وكلاب وسط المصطافين.. والفوضى التنظيمية تبتلع الشواطئ المغربية من جديد

مع بداية فصل الصيف وتزايد الإقبال على الشواطئ المغربية من طرف المواطنين والسياح على حد سواء، تجدد النقاش العمومي حول عدد من المظاهر السلبية التي أصبحت تفسد أجواء الاستجمام، وتؤثر سلبًا على جمالية الفضاءات الشاطئية، التي يُفترض أن تكون ملاذًا للراحة والهدوء.
من بين أبرز هذه المظاهر، تبرز ظاهرة تجول الخيول والجمال والكلاب بين المصطافين، وهي ممارسات لا تزال قائمة في عدة مدن ساحلية، رغم الانتقادات المتكررة.
ويرى كثيرون أن وجود هذه الحيوانات داخل فضاءات مخصصة للاستجمام البحري لا يراعي أبسط شروط السلامة أو النظافة، خاصة أن تلك الحيوانات تخلف فضلات على الرمال، وتعرض الأطفال والمواطنين لخطر العدوى أو حتى الإصابات الجسدية بسبب الكلاب.
وقد رصد العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مظاهر اعتُبرت "مخجلة" في بعض الشواطئ، حيث تتحول الرمال النظيفة إلى أماكن ملوثة بفعل مرور الحيوانات، إضافة إلى الروائح الكريهة التي تخلفها، وهو ما يدفع بعض الأسر والسياح إلى النفور من المكان، وبالتالي يضر بالسياحة المحلية التي تعوّل كثيرًا على الموسم الصيفي.
وفي السياق ذاته، حذر مهتمون بالشأن البيئي من الأضرار التي يمكن أن تسببها هذه الحيوانات، سواء على التوازن البيئي أو على البنية الرملية للشواطئ، مشيرين إلى أن حركة الحوافر تتسبب في تخريب التربة الرملية، في حين أن الاتصال المباشر بين الحيوانات والمصطافين قد ينقل أنواعًا من البكتيريا والأمراض، في غياب أي مراقبة صحية أو بيطرية.
ولا تقف مظاهر التشويه عند هذا الحد، إذ تشهد الشواطئ أيضًا استفحال ظاهرة نصب الخيام العشوائية، حيث تعمد بعض الأسر إلى تحويل الشاطئ إلى فضاء للمبيت والطهي، في ممارسات تفتقر لأدنى شروط النظام والنظافة، وتحوّل المكان إلى ما يشبه قرى مؤقتة مكتظة ومفتوحة على مخاطر عديدة، سواء على المستوى الأمني أو الصحي، خاصة حين يتعلق الأمر بمراقبة الأطفال في ظل حجب الرؤية وانتشار معدات الطبخ في محيط مخصص للترفيه.
إلى جانب ذلك، برزت في المواسم الأخيرة شكاوى متكررة من مصطافين بخصوص استغلال الملك العمومي البحري من قبل بعض الأشخاص الذين يعمدون إلى نصب "براسولات" وكراسٍ مخصصة للكراء، وفرض تسعيرات مرتفعة تصل إلى 40 أو 50 درهمًا للمظلة الواحدة، وذلك دون أي احترام للقوانين أو للحق في الولوج المجاني إلى الشاطئ، ما أثار موجة غضب واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين السلطات بالتدخل لوضع حد لهذا النوع من "الاحتلال العشوائي" للمجال العمومي.
في السياق نفسه، عبّر عدد من المواطنين عن استيائهم من الحراس العشوائيين لمواقف السيارات في محيط الشواطئ، والذين يفرضون رسوماً مرتفعة دون وجه حق، في تحدٍّ صارخ للقانون.
وقد سجلت حالات فرض مبلغ 10 دراهم وأكثر مقابل ركن السيارة، في غياب أي لافتات تحدد التسعيرة القانونية أو الجهة المخولة بالإشراف على المواقف.
من جهة أخرى، عبّر عمال النظافة في عدد من الشواطئ عن معاناتهم المتكررة مع التراكم الكبير للنفايات، خاصة خلال أيام العطل ونهاية الأسبوع، حيث يجدون أنفسهم أمام كميات ضخمة من القمامة التي يتركها المصطافون خلفهم، ما يُثقل كاهل الفرق المكلفة بتنظيف السواحل، ويجعل من مهمة الحفاظ على نظافة الشاطئ تحديًا يوميًا شاقًا.
أمام هذا الوضع، طالبت فعاليات مدنية، من الجهات المنتخبة بتكثيف الجهود من أجل تنظيم هذه الفضاءات الحيوية، والحد من الممارسات العشوائية التي تُسيء إلى جمالية الشواطئ وتؤثر سلبًا على جاذبيتها السياحية.
كما دعت إلى ضرورة تقنين الأنشطة الموسمية، بما فيها تأجير الحيوانات أو المظلات والكراسي، من خلال دفاتر تحملات واضحة، تتضمن معايير السلامة والنظافة واحترام المجال العمومي، مع فرض رقابة صارمة وزجر المخالفين.
ويرى بعض المراقبين أن هذه الأنشطة، رغم طابعها غير المنظم حاليًا، يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل مهم للاقتصاد المحلي إذا ما تم تأطيرها بشكل قانوني ومهني، يضمن احترام البيئة وسلامة المصطافين، ويحول الفضاءات الشاطئية إلى نموذج حقيقي للتنمية السياحية المستدامة.
غير أن استمرار هذه المظاهر السلبية، في غياب ردع فعال وتنسيق محكم بين مختلف المتدخلين، يجعل من الشواطئ المغربية في كل صيف ساحة مفتوحة للفوضى والعشوائية، بدل أن تكون واجهة حضارية تليق بصورة المدن الساحلية وتُعزز من موقعها كوجهات سياحية منافسة.