خبراء: لا انتخابات ناجحة دون ديمقراطية حقيقية وإصلاح سياسي عميق

شهد المقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط، اليوم السبت، تنظيم لقاء سياسي عام من طرف اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب، بحضور عدد من الخبراء والأكاديميين والحقوقيين والفاعلين المدنيين.
وخصص اللقاء لمناقشة قضايا الإصلاحات السياسية والانتخابات ورهانات الممارسة الديمقراطية، في أفق بلورة رؤية حزبية جديدة تواكب المتغيرات السياسية وتستشرف الاستحقاقات المقبلة.
وسلط المشاركون الضوء على الإطار القانوني المنظم للانتخابات، والشروط السياسية المرتبطة بها، إلى جانب تقييم أدوار الأحزاب والمؤسسات في تعزيز المشاركة السياسية وثقة المواطنين في المسار الديمقراطي.
وتوقفت مداخلات عدد من المتخصصين في العلوم السياسية عند ما وصفوه بتعقيد البنية السياسية، مشيرين إلى أن الدولة قامت بعدة مراجعات همّت القوانين الانتخابية، ونمط الاقتراع، والتقطيع الانتخابي، والولوج إلى الإعلام، لكنها لم تساهم بالقدر الكافي في إنتاج مشهد سياسي تنافسي أو تمثيلية حقيقية.
ودعا المتدخلون إلى القطع مع بعض الممارسات السلبية المرتبطة بالترشيحات وتدبير الحملات الانتخابية، مجددين تأكديهم بضرورة تعزيز حضور النساء، وتأهيل الحياة الحزبية، باعتبار ذلك مدخلًا أساسيًا لبناء ديمقراطية قوية قائمة على قواعد الشفافية والمساءلة.
وخلال اللقاء، قدم الأستاذ كمال الهشومي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، مداخلة ركّز فيها على ما سماه "أزمة السياسة في زمن تغوّل النفوذ"، موضحًا أن الانتخابات لم تعد تعكس الإرادة الشعبية، بل تحوّلت إلى مسطرة تقنية لتوزيع السلطة.
وأشار الهشومي إلى أن تراجع دور الأحزاب يعود إلى هيمنة المصالح والمال داخل المشهد السياسي، داعيًا إلى استعادة الفعل السياسي من خلال إعادة الاعتبار للمواطن كفاعل أساسي في العملية الديمقراطية، وليس كرقم انتخابي فقط.
ومن جهته، تناول الخبير السياسي سعيد خمري، أستاذ التعليم العالي، موضوع الإصلاح الدستوري في علاقته بعمل المؤسسات السياسية، وركّز على قضايا حكامة الانتخابات ووضعية الأحزاب السياسية في الوثيقة الدستورية، مشيرًا إلى التحديات التي تطرحها بعض الممارسات على أرض الواقع، خاصة ما يتعلق بالقاسم الانتخابي، وتدبير الحملات، وتشكيل الحكومات.
كما تطرّق خمري إلى دور الذكاء الاصطناعي في تطوير أدوات التواصل الحزبي خلال الاستحقاقات الانتخابية، مؤكدًا على أهمية مواكبة التحولات الرقمية في العملية السياسية.
وتوزع برنامج اللقاء على خمسة محاور كبرى، شملت الإصلاحات الدستورية والبناء الديمقراطي، الإصلاحات السياسية والانتخابات، حقوق الإنسان، الدولة الاجتماعية، والجهوية المتقدمة، حيث عرف كل محور تقديم عروض ومداخلات تفاعلية من قبل الخبراء المشاركين.
وتسعى اللجنة السياسية، من خلال هذا اللقاء، إلى إعداد وثيقة سياسية مرجعية، تُعرض لاحقًا على الهيئات الحزبية للمناقشة والمصادقة، بهدف تجديد المشروع السياسي للحزب وتطوير خطابه وتنظيمه بما يستجيب لقضايا المجتمع المغربي وتحديات المستقبل.