الرجاء يطوي صفحة المنع.. المكتب يجمع 700 مليون سنتيم دون قروض

بعث رئيس نادي الرجاء الرياضي، عبد الله بيرواين، برسائل طمأنة لجماهير الفريق الأخضر، بعد مرحلة صعبة خيّمت عليها الأزمات المالية والإدارية، مؤكدا أن النادي تمكن من تجاوز إحدى أبرز العقبات التي أثقلت كاهله في السنوات الأخيرة، والمتمثلة في قرار المنع من التعاقدات، والذي تم رفعه رسميا بفضل مجهود جماعي قاده المكتب المسير الحالي، وبدعم مباشر من الرئيس السابق عادل هالا.
وفي تصريح خص به إذاعة “راديو مارس”، أعلن بيرواين أن المكتب المديري للنادي استطاع تجميع مبلغ مالي تجاوز 700 مليون سنتيم، خصص بالكامل لتسوية النزاعات العالقة التي كانت سببًا مباشرا في قرار المنع، موضحًا أن العملية تمت دون الاستعانة بأي تمويل بنكي، بل من خلال مساهمات شخصية لأعضاء المكتب، في مقدمتهم عادل هالا الذي قدّم مبلغ 150 مليون سنتيم، إلى جانب بيرواين نفسه الذي ضخّ 120 مليونًا.
ويأتي هذا التطور المالي في سياق دينامية جديدة تشهدها البنية الإدارية والمالية للنادي، حيث بادر المكتب المسير إلى الكشف عن معطيات مفصلة تخص الوضعية العامة للفريق، في خطوة تهدف إلى ترسيخ منطق الشفافية وتعزيز ثقة المنخرطين والأنصار، تحضيرا لاجتماعات حاسمة قد تعيد رسم ملامح القيادة الرجاوية خلال المرحلة المقبلة.
وكشفت الوثيقة الرسمية التي وُضعت رهن إشارة المنخرطين أن التقييم الإجمالي لأصول النادي بلغ 51 مليار سنتيم، موزعة على ثلاثة محاور رئيسية، تشمل القيمة التقديرية للاعبين التي تصل إلى 8 مليارات، وقيمة العلامة التجارية للنادي المحددة في 15 مليار سنتيم، ثم أكاديمية الرجاء التي بلغت قيمتها 28 مليار سنتيم.
ورغم أن ملكية الأكاديمية لا تزال بيد الجمعية الرياضية، إلا أنها ستوضع تحت تصرف الشركة الرياضية المحدثة، وفق مقتضيات الاتفاق الذي يربط الرجاء بالمستثمر الجديد، ما يشكل تحولا في طريقة تدبير الأصول وتوظيفها داخل هيكلة جديدة تراهن على الفعالية والتدبير المقاولاتي.
في المقابل، كشف التقرير أن إجمالي الديون والالتزامات المالية للنادي يصل إلى 13 مليار سنتيم، ما يعني أن صافي التقييم المالي يبلغ 38 مليار سنتيم، وهي وضعية تعكس المفارقة القائمة بين الحجم الكبير للأصول من جهة، وحجم الالتزامات من جهة أخرى، وهي معادلة يعوّل المكتب الجديد على تصحيحها ضمن استراتيجية تقوم على تعبئة رأس المال وتنويع الموارد.
وضمن هذا التصور، تعمل إدارة الرجاء على رفع رأسمال الشركة الرياضية من 300 ألف درهم إلى 25 مليار سنتيم، في خطوة وُصفت بكونها محاولة جريئة لإحداث قطيعة مع نمط التدبير القديم، وتجاوز الأزمة البنيوية التي أرّقت خزينة الفريق في أكثر من مرحلة.
ورغم هذه الدينامية المؤسسية، إلا أن التقرير المالي أشار إلى بعض التراجعات التي تستوجب المعالجة، وعلى رأسها انخفاض مداخيل الرعاية والشراكات، التي بلغت حتى نهاية أبريل 2025 ما مجموعه 28 مليونًا و448 ألف درهم، مقابل 31 مليونًا و631 ألف درهم خلال الموسم السابق، أي بخسارة بلغت حوالي 3 ملايين و183 ألف درهم، رغم ما تحقق رياضيًا خلال الموسم المنتهي.
وفي سياق دعم السيولة، شكلت مداخيل انتقالات اللاعبين أحد الموارد الحاسمة في سد العجز المرحلي، إذ حقق النادي من خلال هذه العمليات ما مجموعه 3.792 مليار سنتيم، ساهمت في تسديد جزء من الالتزامات الملحة، وإنقاذ عدد من الملفات التي كانت تهدد استقرار الفريق تقنيا وماليا.
ومن أبرز الصفقات التي حقق فيها الفريق مداخيل مهمة، صفقة انتقال مهدي موهوب إلى نادي دينامو موسكو الروسي بمبلغ 17 مليونًا و924 ألف درهم، وصفقة إسماعيل مقدم إلى نادي العلا السعودي بـ5 ملايين و656 ألف درهم، إلى جانب انتقالات أخرى شملت عددا من اللاعبين مثل أحمادو كامارا، يسري بوزوق، محمد أزريدة، ونوفل الزرهوني.
وتترقب جماهير الرجاء ما ستسفر عنه الاجتماعات المقبلة داخل البيت الأخضر، وسط أمل كبير في أن تثمر الجهود المبذولة نهاية حقيقية لفترة الاضطرابات، وبداية مرحلة تتسم بالاستقرار المالي والتنظيمي، تكون فيها رؤية المكتب منسجمة مع الطموحات التاريخية للنادي، ومع الانتظارات الجماهيرية التي لا تزال تحلم بنادٍ قوي، مؤسساتيًا ورياضياً، يستعيد حضوره القاري والتنافسي بنفس الروح التي صنعت مجد الرجاء لعقود.