260 مليون أورو على المحك.. مدريد تتردد والمغرب يفتح ذراعيه لأضخم مشروع ترفيهي

يواجه مشروع بناء نورية عملاقة بارتفاع 264 مترًا في العاصمة الإسبانية مدريد مصيرًا غامضًا، بعدما كان لسنوات محط اهتمام بلدية المدينة وطموح عدد من المستثمرين لتحويله إلى معلم سياحي غير مسبوق على الصعيد العالمي.
هذا التعثر المتواصل في إسبانيا، وفقًا للتقارير الإعلامية الإسبانية، يفتح الباب أمام المغرب ليظهر كوجهة بديلة محتملة لاستقبال هذا المشروع الضخم، بما يمتلكه من مقومات استثمارية وسياحية وعلاقات تعاون وثيق مع عدد من الفاعلين الإسبان.
ووفقا لذات التقارير، فإن الكلفة الإجمالية للمشروع تقدر بـ260 مليون يورو، بتمويل خاص بالكامل، وهو ما جعله مثار اهتمام واسع في الأوساط المعمارية والسياحية. وقد صمم المشروع المهندس الإسباني الشهير كارلوس روبيو، الذي يمتلك سجلًا حافلًا من الإنجازات، من بينها تصميم برج "PwC" في قلب العاصمة الإسبانية، والمشاركة في توسعة متحف "ديل برادو"، إلى جانب اشتغاله في مشاريع سابقة بالمغرب، ما يُرجّح انتقال المبادرة جنوبًا في حال تعذر تنفيذها في إسبانيا.
ورغم أن بلدية مدريد كانت قد رحبت بالمشروع مبدئيًا، حسب التقارير الإعلامية، ووافقت على إجراء دراسات تقنية أولية في صيف العام الماضي، فإن اعتراضات متزايدة من سكان حي أركانثويلا، حيث كان مقررا تشييد العجلة في حديقة "تيرنو غالڤان"، أجهضت الزخم السياسي والإداري الذي رافق المشروع في بداياته.
السكان المحتجون عبّروا عن رفضهم القاطع لإقامة منشآت ضخمة وحفلات صاخبة داخل الحديقة، معتبرين أن المشروع قد يخلّ بالتوازن البيئي والاجتماعي للمنطقة.
وتبعًا لذلك، أوضح مفوض التعمير في مجلس مدينة مدريد، بورخا كارابانتي، حسب ماتناقلته التقارير، أن البلدية لم تتخذ أي قرار رسمي بشأن المشروع، وأنها بصدد تقييم العروض والمقترحات، دون أن يعني ذلك المضي قدمًا في تنفيذ المشروع كما كان مخططًا.
هذا الجمود الإداري والسياسي دفع بالمطورين إلى التفكير في بدائل جديدة داخل المدينة، خاصة في مناطق شمالية حديثة البناء وغير مكتظة سكنيًا، إلا أن غياب وعاء عقاري مناسب، وتعقيدات مرتبطة بوجوب تخصيص الأرض للمنفعة العامة، وطرح المشروع في مناقصة مفتوحة، كلها عوامل تهدد بإفراغ المشروع من جدواه التجارية وتؤخر ولادته.
في خضم هذا السياق المرتبك، حسب التقارير الاعلامية، برز المغرب كخيار بديل لاستضافة النورية الأعلى في العالم.
ووفقًا للتقارير الإعلامية الإسبانية، فقد أبدت جهات مغربية اهتمامها الفعلي بتبني المشروع، واقترحت بناءه وتشغيله على أراضيها في حال تخلي مدريد عنه نهائيًا.
ويبدو هذا التوجه منسجمًا مع طموحات المملكة لتكريس مكانتها كوجهة سياحية إقليمية رائدة، قادرة على استقطاب مشاريع ترفيهية ضخمة توفر قيمة مضافة اقتصادية وسياحية، وتساهم في خلق فرص شغل مستدامة.
وتكمن خصوصية هذا المشروع، حسب التقارير ذاته في تصميمه الهندسي المبتكر الذي يبتعد عن الشكل الدائري التقليدي لعجلات الملاهي.
فالعجلة الجديدة ستضم منصة مراقبة في أعلى نقطة من دورتها، يتاح للزوار النزول إليها، ما يجعل منها أول عجلة فيريس في العالم بهذا التصميم التفاعلي.
كما تتضمن المنصة مطاعم ومرافق للفعاليات، بينما تغطى الواجهة الخارجية للنورية بكسوة تشبه جلد الثعبان، مجهزة بإضاءة "LED" تمنحها طابعًا بصريًا فريدًا.
ويتوقع أن يبلغ عدد فرص العمل التي سيخلقها المشروع بشكل مباشر حوالي 500 منصب، وهو رقم يضاعف أهميته في سياق الانتعاش السياحي بعد جائحة كورونا.
ويُعد هذا المشروع، حسب التقارير ذاته، في حال تنفيذه الأكبر من نوعه عالميًا، إذ يبلغ ارتفاعه 264 مترًا، متجاوزًا بذلك "عين دبي" التي يبلغ ارتفاعها 250 مترًا، و"عين لندن" ذات الـ135 مترًا.
وفي الوقت الذي تراجع فيه حماس بلدية مدريد نتيجة تغير التوازنات السياسية عقب انتخابات 2023، وتزايد الضغوط المجتمعية من السكان المحليين، يرى مطورون أن المشروع دخل مرحلة "الجمود"، وأن فرص تنفيذه بالعاصمة الإسبانية تتضاءل يومًا بعد آخر.
ويرى بعضهم أن نقله إلى مناطق أخرى داخل إسبانيا أو إلى الخارج بات مطروحًا بقوة، والمغرب من بين أبرز الدول التي عبّرت عن رغبتها في استضافته.
ويرى مراقبون، حسب الصحف الاسبانية، أن استقطاب مثل هذا المشروع الطموح قد يُشكّل تحولًا استراتيجيًا في تنويع العرض السياحي المغربي، خصوصًا في مدن كبرى مثل الدار البيضاء أو مراكش أو الرباط، التي تتوفر على البنية التحتية اللازمة والقدرة على احتضان مشاريع ترفيهية عالمية.
كما سيساهم، حسب التقارير، في تعزيز إشعاع المغرب كوجهة للابتكار المعماري والسياحة النوعية، بما ينسجم مع توجهاته التنموية الكبرى.
ومع استمرار حالة الغموض في مدريد، تتسارع الديناميات الاستثمارية على ضفتي المتوسط، حيث يتطلع المغرب للاستفادة من الفرصة واستقبال مشروع قد يصبح علامة معمارية وسياحية عالمية، في حال خفتت الرغبة السياسية داخل إسبانيا.