دراسة تحذر: الصحافة بلا درع تنظيمي

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

29 يونيو 2025 - 06:00
الخط :

في الوقت الذي يئن قطاع الصحافة والنشر تحت وطأة الاكراهات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية، أعلن المنتدى المغربي للصحافيين الشباب عن دراسة حديثة تحذر من العديد من الاكراهات التي وجب على الفاعلين مواجهتها والوقوف في وجهها.
المنتدى حذر من كون التنظيم الذاتي للمهنة بات في مفترق طرق، ولا بد من إصلاحات جذرية إن أراد المجلس الوطني للصحافة أن يستعيد دوره كمؤسسة مستقلة وفاعلة، في الوقت الذي من المفروض أن تجرى انتخابات جديدة للمجلس الوطني للصحافة الذي فشل لحد الآن في تنظيم المهنة بالشكل المطلوب.

الشرعية المفقودة
ونبهت الدراسة لأزمة مشروعية التمثيل داخل المجلس الوطني للحصافة، وفقدان جزء من الجسم الصحافي للإحساس بالانتماء إليه.
المصدر أضاف أن المجلس الذي تأسس ليكون مرآة للمهنة وحاميا لأخلاقياتها، بات محل مساءلة حول مدى استقلاليته وفعاليته، خصوصا بعد تمديد ولايته بقرارات إدارية بدل العودة إلى صندوق الاقتراع.

إصلاح أو انهيار 
أمام هذا الوضع، توصي الدراسة بمسارين متكاملين، يتمثل الأول في إصلاح داخلي عميق يمس تركيبة المجلس وآليات اشتغاله، ومسار خارجي يجعل من التجربة المغربية في التنظيم الذاتي نموذجا إقليميا.
هدف الطرح ليس فقط تحسين الأداء الداخلي، بل إعادة تعريف هوية المجلس كمؤسسة ديمقراطية ومستقلة تمارس الوساطة وتضمن احترام أخلاقيات المهنة.

دمقرطة الانتخاب
ومن أبرز ما وقفت عليه الدراسة، هيمنة السلطة التنفيذية على تنظيم المهنة بشكل غير مباشر، سواء عبر التمويل أو من خلال الصلاحيات القانونية. وهو ما دفع إلى المطالبة بفصل حقيقي عن الحكومة، خاصة في ما يتعلق ببطاقة الصحافة، وتحديد شروط منحها وتجديدها.

وفي سياق مشابه، تقترح الدراسة إعادة تشكيل لجنة الإشراف على انتخابات المجلس بطريقة تضمن الحياد والاستقلال، عبر إشراك قضاة وأكاديميين وممثلين عن حقوق الإنسان بدل الاقتصار على ممثلي الحكومة أو المهنيين فقط.

ترشح مهني
ولتفادي ما وصفته بـ"الترشح العبثي"، تشدد الوثيقة على أهمية ربط الأهلية للترشح بمعايير موضوعية تتعلق بالكفاءة والنزاهة، دون إغلاق الباب أمام تمثيلية واسعة.
وتوصي الدراسة بإحداث لجنة تقييم مستقلة تتولى النظر في الترشيحات قبل عرضها على التصويت.

ضعف الثقة
فيما يخص أداء المجلس، سجلت الدراسة غيابا ملحوظا للشفافية والمساءلة. إذ لا تنشر تقارير دورية عن أعماله، ولا توجد آليات واضحة للطعن أو التحكيم في القرارات التأديبية أو الإدارية.
وشددت التوصيات على ضرورة إرساء بنية رقابية داخلية تشمل مختلف الفاعلين في الحقل الإعلامي والمجتمعي.

مراجعة الميثاق والتمويل
ومع تصاعد التحديات المرتبطة بالإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، دعت الوثيقة إلى تحيين ميثاق أخلاقيات الصحافة والنشر، بما يستجيب للواقع الجديد، ويمكن المجلس من فرض قراراته.
وفي نفس الاتجاه، ربطت استدامة التنظيم الذاتي بوجود تمويل مستقل ومتعدد المصادر، يبتعد عن وصاية الدولة دون أن يُفتح على تدخلات أجنبية موجهة.

مهنة في خطر..
وفي رصدها لواقع الممارسة الصحافية، تقف الدراسة على هشاشة شروط الولوج للمهنة، وانتشار "الدخلاء"، داعية إلى شروط أكثر صرامة تتعلق بالتكوين الأكاديمي والخبرة المهنية، خصوصا لمن يتولون مهام إدارة النشر أو المهام التقنية والميدانية.

ولم تغفل الورقة أهمية التكوين المستمر، إذ تقترح إدماجه ضمن مسار مهني إلزامي تشرف عليه مؤسسة التنظيم الذاتي، بشراكة مع مؤسسات متخصصة.

تدويل التجربة
وفي أفق أوسع، تقترح الدراسة تدويل تجربة المجلس المغربي، من خلال إصدار تقارير بلغات متعددة، والانخراط في شراكات إفريقية وعربية، تعزز مكانة المجلس كمؤسسة مرجعية في العالم النامي. غير أن هذا الطموح يظل رهينًا بإصلاحات هيكلية داخلية لا مفر منها.

وتضع هذه الدراسة المرآة أمام المجلس الوطني للصحافة، وتطرح عليه أسئلة جوهرية تتعلق بشرعيته واستقلاليته وقدرته على حماية المهنة من التسيب والتدخلات.

آخر الأخبار