أزمة تمثيلية وثقة تهز صورة المجلس الوطني للصحافة

في مؤشر جديد على تراجع الثقة بين الجسم الصحفي والمؤسسة المهنية التي يفترض أنها تمثله، أظهر استطلاع حديث وجود فجوة عميقة في العلاقة بين الصحافيين والمجلس الوطني للصحافة، سواء على مستوى التمثيلية أو النجاعة المؤسساتية.
الدراسة التي أنجزها "المنتدى المغربي للصحافيين الشباب" بعنوان "التنظيم الذاتي بين رهان تعزيز حرية الصحافة وتحدي النهوض بأخلاقيات المهنة"، استندت إلى استبيان شمل 51 صحافيا وصحافية موزعين على مختلف جهات المملكة، ومنتمين إلى قطاعات متنوعة تشمل الصحافة المكتوبة والمرئية والرقمية.
تحت الصفر
نتائج الاستبيان كانت صادمة، إذ منح أكثر من نصف المشاركين (51%) المجلس أدنى تقييم ممكن (درجة 1 من 5) بخصوص تمثيله لمصالح الصحفيين. فيما منحه 25% درجة (2)، و15% درجة (3)، مقابل فقط 7% أعربوا عن رضاهم الجزئي أو التام.
هذا التقييم يكشف، بحسب معدي الدراسة، عن أزمة ثقة حقيقية تتجاوز الأداء إلى عمق تمثيلية المجلس وآليات اشتغاله.
آليات غائبة
في محور يتعلق بأداء المجلس في حماية أخلاقيات المهنة، عبر 41% من المستجوبين عن اعتقادهم بضعف فعالية الآليات المعتمدة، بينما وصفها 33% بغير الفعالة مطلقا.
وانتقد 21 صحافيا الغياب التام لتقارير دورية توضح ما تم البت فيه من خروقات، ما فاقم حالة "الإحباط المهني" تجاه دور المجلس التأطيري.
تنظيم ذاتي مستقل
المثير في الدراسة أن غالبية الصحافيين (58%) أعربوا عن تفضيلهم لنظام تنظيم ذاتي كامل يدار من داخل الجسم الصحفي دون تدخل الدولة، مقابل 27% يؤيدون النظام الحالي القائم على الشراكة، فيما تراجع التأييد لتنظيم تقوده الدولة حصريًا إلى 13%.
وفي حال اعتماد نموذج التنظيم الذاتي، يرى 71% أن الانتخابات الحرة هي السبيل الأنسب لاختيار ممثلي الصحفيين، بينما اقترح آخرون صيغا هجينة تجمع بين الاقتراع والانتداب النقابي أو حتى التعيين من الحكومة والبرلمان.
تمثيلية محدودة
ووفق الدراسة فإن أغلبية ساحقة (88%) تطالب بتوسيع قاعدة التمثيل داخل المجلس الوطني للصحافة، مع مراجعة الإطار القانوني والتشريعي، وتعزيز حضور النقابات المهنية، وإقرار آليات واضحة للشفافية والمحاسبة.
في المقابل، يرى 51% من المستجوبين أن استقلالية المجلس لا يمكن تعزيزها إلا من خلال تعديل جذري لمنظومته القانونية، بينما يعتقد 31% أن الحل يكمن في فتح باب الاقتراع المباشر والعلني لاختيار أعضائه.
دور باهت
ورغم أن المجلس يفترض فيه أن يكون حامي حرية الصحافة بالمملكة، إلا أن نصف الصحافيين تقريبا يرون أن أدائه في هذا المجال غير كاف، فيما اعتبر 80% أن مساهمته في النهوض بحرية الصحافة ضعيفة أو محدودة للغاية.