مؤتمر محاكم الدول الفرانكوفونية بالرباط.. محاولة لبناء "عدالة عليا عابرة للحدود"

تحتضن الرباط المؤتمر الثامن لجمعية المحاكم العليا للدول التي تتقاسم استعمال اللغة الفرنسية (AHJUCAF)، من 2 إلى 4 يوليوز 2025، بمشاركة ما يقارب 30 وفدا قضائيا من أعلى مستويات السلطة القضائية في الفضاء الفرانكوفوني.
المؤتمر، الذي ينظم تحت شعار "المحكمة العليا المثالية"، يسعى لأن يتجاوز التبادل النظري للأفكار، إلى إعادة تعريف دور المحاكم العليا في زمن التحولات القانونية، واختلال التوازنات السياسية والاجتماعية، وتعاظم الحاجة إلى قضاء مستقل، ناجع، ومتواصل مع محيطه.
اعادة تشكيل تصور العدالة العليا
ويراهن المشاركون على تحقيق نقطة التقاء بين الخبرات القانونية الرفيعة لدول متعددة الأنظمة والتقاليد القضائية، من إفريقيا وأوروبا والكاريبي. ومن خلال موائد مستديرة متخصصة، يسعى المؤتمر إلى بناء تصور عملي للمحكمة العليا المنشودة، ليس فقط من حيث وظائفها القضائية، بل أيضا من حيث شفافيتها، استقلالها، وآليات تواصلها مع الجمهور.
قضاء التحديات
المؤتمر لا يغفل عن إشكالات الساعة، ويعالج ثلاث قضايا كبرى تعد أساسا لأي عدالة عليا فعالة، وهي مكانة المحاكم العليا واستقلالية القضاة، حيث تطرح أسئلة عميقة حول كيف يمكن للمحاكم أن تبقى بمنأى عن التجاذبات السياسية، وتحافظ على موقعها كضامن للدستور والقانون.
أما المسألة الثانية فتتمثل في الوقاية من الفساد وتدبير النزاعات والولوج للعدالة، كونها تحديات تتقاطع فيها مسؤولية الدولة مع كفاءة المؤسسات القضائية، في ظل تصاعد مطالب الشفافية والمحاسبة.
بينما المسألة الثالثة تتمثل في جودة الأحكام وتعليلها والتواصل القضائي، إذ لم يعد يكفي إصدار القرار القضائي، بل بات مطلوبا أن يُفهم ويُشرح ويُتاح للرأي العام، ضمن دينامية جديدة تربط بين القضاء والمجتمع.
تحالف قضائي مهيكل
بعيدا عن اللقاءات الرسمية، يحمل المؤتمر طابعا استراتيجيا، لكون الجمعية العمومية ستتداول في مسائل تتعلق ببنية AHJUCAF، ما ينبئ بتوجه نحو تحويل الجمعية إلى منصة أكثر فعالية ومأسسة، قادرة على إحداث تقارب قانوني وتشريعي حقيقي بين الدول الأعضاء.