بين لقمة العيش والإجهاد الحراري.. عمال الأوراش في مرمى المخاطر الصحية

تشكل درجات الحرارة المرتفعة في فضاءات العمل تحديًا كبيرًا للعمال في مختلف القطاعات، خصوصًا في المهن التي تتطلب العمل في أماكن مكشوفة تحت أشعة الشمس الحارقة
هؤلاء العمال يُجبرون على البقاء لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، مما يزيد من صعوبة ظروف عملهم ويعرضهم لمخاطر صحية متزايدة.
ورغم الأضرار الصحية التي قد تترتب على هذه الظروف القاسية، يستمر هؤلاء العمال في تأدية مهامهم، في ظل غياب التدابير الوقائية التي تكفل لهم الحماية من هذه المخاطر.
ووفقًا لما لاحظته "الجريدة 24"، يعاني العديد من عمال البناء من الإرهاق الشديد نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، حيث يشعرون بالتعب الشديد والإرهاق بعد ساعات قليلة من العمل تحت الشمس.
وبالرغم من تأثيرات الحرارة المدمرة على صحتهم، إلا أنهم يستمرون في العمل لأنهم يفتقرون إلى الخيارات الأخرى.
وأكد العديد منهم أن "الحرارة تؤثر علينا بشكل كبير، ولكننا لا نملك خيارًا سوى الاستمرار في العمل من أجل لقمة العيش، لأننا لا نملك مصدر دخل آخر".
وتشير الدراسات إلى أن العمال الذين يعملون في بيئات شديدة الحرارة، مثل العاملين في البناء والزراعة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة بسبب الإجهاد الحراري.
ففي بعض الحالات، قد يتعرض هؤلاء العمال إلى ضربة شمس أو مشاكل صحية مزمنة نتيجة العمل المستمر تحت الشمس الحارقة.
وتتفاقم هذه المخاطر بسبب غياب فترات الراحة المناسبة، حيث يضطر العمال للعمل لساعات طويلة دون توقف، مما يزيد من احتمالات تعرضهم للإصابات الصحية.
من جانبها، أصدرت المنظمة الديمقراطية للشغل تحذيرات من المخاطر التي تهدد حياة العمال في ظل هذه الظروف المناخية القاسية.
وأكدت المنظمة في بيانها أن التغيرات المناخية التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، تجعل العمال في قطاعات البناء والزراعة أكثر عرضة للخطر.
وأضاف المصدر ذاته، أن هؤلاء العمال لا يتمتعون في كثير من الأحيان بأي حماية اجتماعية، حيث يُقدر أن أكثر من 40% منهم لا يتم تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يزيد من هشاشتهم في مواجهة هذه المخاطر.
في ظل تزايد موجات الحر، طالبت النقابة المهنية، الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوق العمال وضمان بيئة عمل آمنة.
كما شددت المنظمة الديمقراطية للشغل على ضرورة تعديل ساعات العمل لتجنب العمل في فترات الحر الشديد، حيث دعت إلى تعليق العمل تمامًا عندما تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية.
وأكدت على أهمية توفير بيئة عمل آمنة تشمل أماكن مظللة، وتوفير مياه شرب باردة، وملابس واقية للعمال.
من جهة أخرى، سبق أن دعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، جل المواطنين إلى ضرورة الإكثار من شرب الماء خلال موجات الحر، مشددة على أهمية تعويض السوائل التي يفقدها الجسم عبر التعرق، من أجل الحفاظ على توازن الجسم وتفادي مخاطر الجفاف، خصوصًا في الأيام شديدة الحرارة.
وفي منشورات توعوية نشرتها عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، حذّرت الوزارة من التأثيرات الصحية التي قد تطال فئات واسعة من الناس نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، مشيرة إلى ضرورة الالتزام بإجراءات وقائية لتفادي ضربات الشمس، خاصة في فصل الصيف الذي يعرف ارتفاعًا متزايدًا في درجات الحرارة.
وأكدت الوزارة أن أكثر الفئات عرضة للخطر خلال موجات الحر، هم الرضع، والأطفال الصغار، وكبار السن، والنساء الحوامل، إلى جانب المصابين بأمراض مزمنة، داعية إلى منح هذه الفئات عناية خاصة في مثل هذه الظروف المناخية.
ومن بين أبرز أعراض ضربة الشمس – بحسب الوزارة – هناك ارتفاع حرارة الجسم (الحمى)، شحوب لون البشرة، تشنجات عضلية في الأطراف والبطن، صداع حاد، عطش شديد، شعور بالغثيان، وأحيانًا فقدان الوعي، مما يستوجب تدخلاً طبيًا فوريًا.
وللوقاية من هذه الحالات، نصحت الوزارة بشرب كميات كافية من الماء بشكل منتظم، وترطيب الجسم بالماء، خاصة مناطق الوجه والذراعين، مع تفادي الخروج خلال ساعات الذروة الحرارية ما بين الحادية عشرة صباحًا والثامنة مساءً.
كما أوصت بالبقاء في أماكن باردة قدر الإمكان، وتفادي الجهد البدني خلال النهار، مع الحرص على إبقاء المنازل باردة بإغلاق النوافذ نهارًا وفتحها ليلًا.
وشددت الوزارة على أهمية التوجه إلى الطبيب عند ظهور أي من الأعراض المرتبطة بضربات الشمس، مؤكدة أن الوقاية تبقى السبيل الأنجع لحماية الصحة خلال فصل الصيف.