الرميد منتقدا حفل "طوطو": "ما يقدمه لا يمت للفن بصلة"

وجه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق والقيادي السابق في حزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة لحفل مغني الراب "الغراندي طوطو"، الذي أقيم ضمن فعاليات الدورة 20 من مهرجان موازين، معتبرا أن ما عرض في السهرة، لا يمت للفن أو الثقافة بصلة، بل يعكس، بحسب تعبيره، "خللا في الذوق العام وانحدارا في المعنى".
وفي تدوينة نشرها على صفحته "الفايسبوك"، شدد الرميد على أن الإشكال لا يكمن في حفل صاخب أو مهرجان بأضواء باهرة، بل في تحول تدريجي وخطير في الوعي العام، حيث أصبح الضجيج يحتتفى به كإنجاز، والحشود تعتبر دليلا على القيمة، والتصفيق يغني عن الذوق.
وتابع قائلا :"ثمة خلل ما أصاب بوصلة الذوق، فانقلب الصخب إلى فضيلة، واعتُبرت الجرأة مرادفًا للإبداع، حتى غابت المسافة بين الشجاعة والانحدار. الكلمات تُقال دون محتوى، والإيقاعات تُكرَّر حتى الملل، والرؤوس تهتزّ لا طربًا، بل انسياقًا. يُروَّج لهذا العبث كأنه وثبة في سماء الحداثة، بينما لا هو تقدُّم، ولا هو فن".
وزاد في تعليقه على الموضوع :" ليس كل ما يعلو يُقاس، ولا كل ما يُكرَّر يُصدّق. ما يُقدَّم في كثير من المشاهد لا يرقى إلى الترفيه، ولا يمتّ إلى الثقافة بصلة؛ إنما هو فراغ لامع، مغلّف بالمؤثرات، تُسدل عليه الستائر كأنّه منجز".
وتابع :"تحت كل تلك الأضواء الزائفة، يتوارى سؤال جوهري: من يُربّي الذوق؟ من يحرس المعنى؟ من يضع الحدود بين الحرية والابتذال؟ فالمهرجان، الذي يُراد له أن يكون احتفالاً بالفن، يتحوّل في لحظة إلى مرآة دقيقة لمجتمع يتمايل، لا طربًا، بل حيرة".
وأكد الرميد، أن "الكثرة ليست مقياسًا للجودة، ولا الزحام قرينة على القيمة. الساحات امتلأت، لا بالعقول، بل بالرغبة في الفرار: فرار من التردّي، من التكرار، من سؤال “إلى أين؟”. وكأن التجمهر ذاته صار حجة، وكأن التصفيق يُغني عن المضمون".
وأشار المتحدث، إلى أن "النبرة العالية أصبحت ستارًا يُخفي فراغ المعنى، والكثرة لم تعُد ضمانة، بل مجرّد تبرير. مضيفا: "قد يحضر الآلاف، لكن ماذا يبقى بعد أن تنطفئ الأنوار؟ لا شيء سوى صدى في الفراغ..لسنا ضد الفن ولا ضد البهجة ولكننا في غاية الضيق من فرحٍ زائف، يُراد له أن يكون غطاءً على التراجع، وسلاحًا ضد كل من يجرؤ على السؤال".
واختتم حديثه قائلا :"المجتمعات لا تنهض حين تهتزّ، بل حين تصغي..ولا تنضج حين تحتفل، بل حين تعقل ما تحتفل به ولعلّ الصمت – أحيانًا – أنبل من الضجيج".