هل تجاهلت الحكومة التفاوتات المجالية في الولوج للخدمات الصحية؟

الكاتب : انس شريد

04 يوليو 2025 - 08:30
الخط :

أثارت مجموعة من المعطيات التي كشفت عنها المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، تساؤلات عميقة حول الوضع الصحي في المغرب، خاصة في ما يتعلق بقدرة المستشفيات العمومية على تلبية احتياجات المواطنين في ظل الزيادة المستمرة في عدد السكان.

وسلط رئيس المجموعة النيابية، عبد الله بووانو، الضوء خلال ندوة صحفية عقدها اليوم الجمعة، على مجموعة من الاختلالات التي تواجهها المنظومة الصحية المغربية، في وقت تتزايد فيه المطالب بالإصلاح العاجل.

وأكد بووانو في مداخلته على تراجع ملحوظ في مستوى استغلال الأسرة بالمستشفيات العمومية، حيث كشف عن انخفاض بنسبة 17% في معدل شغل الأسرة بين 2019 و2023، ما يعكس نقصًا في النشاط الاستشفائي داخل المستشفيات.

وفي نفس السياق، لفت إلى انخفاض معدل الولوج إلى المستشفيات العمومية بين عامي 2021 و2022، وهو ما يعكس تدهورًا في جودة الخدمة الصحية المقدمة.

وأوضح بووانو أن الفجوات الكبيرة بين الجهات المختلفة في ما يخص الولوج إلى الخدمات الصحية كانت واضحة، حيث أظهرت البيانات أن جهة طنجة تطوان سجلت أعلى نسبة استغلال للأسرة بنسبة 77%، بينما كانت جهة كلميم وادنون في أسفل الترتيب بنسبة 27%.

وهذا التفاوت يثير تساؤلات حول مبدأ العدالة في توزيع الخدمات الصحية، ويؤكد حسب بوانو وجود تفاوتات مجالية كبيرة في استفادة المواطنين من الرعاية الصحية.

ومن جهة أخرى، أشار بووانو إلى أن متوسط مدة الاستشفاء في المغرب لا يتجاوز 3.5 أيام، وهي مدة أقل بكثير من المعدلات العالمية التي تتراوح بين 5 و10 أيام.

ورغم أن الحكومة وعدت بمضاعفة عدد سيارات الإسعاف وتعزيز الجاذبية للمستشفى العمومي، حسب المتحدث ذاته، إلا أن الواقع يظل بعيدًا عن هذه الوعود، مع تراجع واضح في نسبة الاستفادة من المستشفيات العمومية، مقابل تزايد الإقبال على القطاع الخاص.

وواصل بووانو تسليط الضوء على بعض التحديات التي تواجه النظام الصحي، مثل النقص الحاد في الموارد البشرية الصحية، حيث أشار إلى أن المغرب لا يتوفر إلا على 1.8 مهني صحة لكل 1000 نسمة، وهو رقم بعيد عن المعدلات المطلوبة لتوفير رعاية صحية شاملة.

كما أبدى قلقه من النمو السريع للقطاع الخاص في غياب تنظيم حقيقي وتنسيق مع القطاع العمومي.

فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، أشار بووانو إلى أن الحكومة فشلت في تحقيق تعميم التغطية الصحية، حيث استُبعد 8 ملايين مغربي كانوا يستفيدون من نظام "راميد".

وأضاف أن الأرقام التي تقدمها الحكومة عن تغطية شاملة لا تتوافق مع الواقع، مبرزًا أن 25% من المغاربة لا يزالون خارج نطاق التغطية الصحية.

وفيما يخص الدعم الاجتماعي، انتقد بووانو الحكومة لعدم وفائها بوعودها المتعلقة بالتمويلات الاجتماعية، مثل "مدخول كرامة" للمسنين، ودعم التمدرس للأطفال.

مؤكدًا أن العديد من الفئات الاجتماعية ما زالت محرومة من الدعم المباشر.

كما نبه إلى التفاوت الكبير في تقديم الدعم، حيث لم يستفد سوى 3% من المستحقين من منحة الولادة.

وأثار بووانو أيضًا تساؤلات حول شبهة الفساد وتضارب المصالح في القطاع الصحي، حيث أشار إلى أن عدة شركات مرتبطة بأعضاء في الحكومة تم تأسيسها مؤخرًا، وهي تعمل في مجال الأدوية، مما يثير الشكوك حول طريقة تدبير هذا القطاع الحساس.

كما لفت إلى تراجع صناعة الأدوية المحلية، حيث كانت المغرب يصنع 70% من حاجياته، أما اليوم فالنسبة تراجعت إلى 53% فقط.

وختامًا، حذر بووانو من تهديد الاستدامة المالية لورش الحماية الاجتماعية في المغرب، بسبب اعتماد الحكومة على القروض والتمويلات المبتكرة التي تهدد التوازن المالي لهذا الورش.

آخر الأخبار